نسمة قلم الدولية: الاختيار الأخير ...بقلم الكاتب سالم غنيم

Najwa Ezzedine
0

..الاختيار الأخير....

فتح احمد خزانته الخشبيه ..

اخرج منها اوراقا قديمه..

مضى على وجودها في الخزانه قرابة عشرين عاماً..

القى بنظره الى الأوراق وقد تحول لونها الى الأصفر من قدمها..

بعد طول تردد تناول الورقه الأولى. .

رفعها الى انفه ..

تنفس بعمق..

دخل الى انفه رائحة عطر الياسمين الذي يحبه..

فتحها ببطئ شديد..

كانه يخاف ان يؤذي مشاعرهاالرقيقه ..

هذه اول رسالة حب اكتبها في حياتي. .

الى اول حب في حياتي..

هذا ما حدث به احمد نفسه ولكن بصوت مسموع ..

حنان ..

نعم اسمها حنان. 

 شعرا اسودا يتدلى على كتفيها..

جسم ممتلئ..

 وجه ممتلئ نشاطا وحيوية ..

عرفتني عليها ابنة عمي..

اثناء حفلة عرس لاحد أقاربي. .

تبين لي ان والدتي ووالدتها ابناء عمومه..

طلبت من والدتي ان تعزم قريبتها على الغذاء ..

حضروا يوم الخميس الى منزلنا. .

لاحظت ان حنان مهتمه بي. .

كنت قد تجاوزت السابعة عشره من عمري بقليل ..

لاول مره في حياتي تهتم بي فتاه..

كدت ان اطير من شدة الفرح والسرور بكلامها الناعم الهادئ..بدلالها ..

خجلت ان اظل جالسا بين النساء ..

استاذنت منهم ..

عدت الى غرفتي المطلة علي حديقه منزلنا. . 

لم استطع الجلوس في غرفتي طويلا..

خرجت من الغرفه بحجه ذهابي الى الحمام. .

دخلت وأغلقت الباب. .

لم افعل شيئاً. .

عدت الى غرفة الصالون ..

بحثت عنها بعيني ..لم اجدها..

ارتبكت..

لم ينقذني من ارتباكي الاصوت والدتي قائلة..ماما. .حنان ذهبت الى غرفتك. .

لم انتظر ان تكمل امي كلامها. .

اسرعت الى غرفتي..

طرقت الباب ودخلت..شاهدتها تجلس..على الكرسي المفضل لدي..

ممسكة بيدها كتابا.

.راقبت حركاتها ..سكناتها...

اقتربت منها أكثر. .

شعرت بحرارة أنفاسها. .تحدثت لها عن الكتاب..

اردت ان ابين لها اني أستاذ متخصص بهذه الكتب..

وانني قد قراتها كلها..

بعد ان بدات بشرح محتوى الكتاب..

طلبت مني ان تستعيره  لقراءته. .

وافقت على ذلك مسرعاً. 

ذهبت بعد يومين لزيارتهم بحجه الكتاب. .شعرت ان نظرات عائلتها تلاحقني. .

تحدق بي من كل جانب..

جلست على الكرسي نصف جلسه..

ذهبت حنان لاعداد الشاي. .

ملكه تعد الشاي للسيد احمد..

ابتسمت بخبث..

تناولت الشاي وهو ساخن جدا..

احترق حلقي..

استاذنت بالمغادرة عائدا الى بيتي مسرعاً. .

جلست الى طاولتي العزيزه على قلبي. اخرجت علبه السجائر الاجنبيه. .

التي نسيها عندنا عمي في زيارته الاخيره لنا..اخرجت سيجاره..

انا صرت زلمه..هذا ما قاله احمد بصوت خشن يدل على رجوله..

اشعل السيجاره..سحب نفسا منها بعمق..صوت سعاله هز اركان الغرفه..

اكمل السيجاره بصعوبة بالغة. .

اخرج دفتر الرسائل المعطر..

تناول قلم الحبر الذهبي الذي احضره له والده هديه نجاحه في المدرسه ..

كتب حبيبتي حنان..

لم تعجبه البدايه..

مزق الورقه..

كتب عزيزتي حنان لم تعجبه مزقها..

تذكرت انه اشترى يوما كتابا خاصا في كتابة الرسائل الغرامية. .قراه ..

الا انه عجز عن كتابه الرسالة. .

بعد ساعات. .

نجح في كتابه الرساله. .

قرأها عدة مرات خوفا من وقوعه في اخطاء املائيه ..

طواها من الاطراف بعنايه..

وضعها داخل مغلف انيق عطره بعطر الياسمين الذي يحبه..اغلق المغلف..

لم يكتب شيئا على خارج المغلف. .

صمم ان يعطيها الرساله. .

يذهب يوميا لزيارتهم لعله يجد فرصه..

لم يجد اي فرصه..

بقيت الرساله بحوزته اكثر من سنه..

لم يجرؤ ان يعطيها الرسالة. .

تزوجت حنان..

ومع ذلك مصر ان يعطيها الرساله..

انجبت..اكثر من مره..

وهو مصر ان يعطيها الرسالة..

كان يحدث نفسه..اه لو بس تعلم اني احبها..اكيد سوف تطلب الطلاق..

وتعود الي محبوبتي.. 

اصبحت حنان اما لستة اولاد..

لم تعلم حنان اني احبها..

تناول احمد قصاصة ورق اخرى..تفحصها جيدا..تنفس بعمق. .رفع راسه الى اعلى..هذه اول واقصر رساله حب وصلتني. .ارسلتها لي بنت الجيران. .تطلب مني ان نلتقي عند باب مدرستها..بصراحه ..انا كنت اراقب سميره كل يوم عند ذهابها الى المدرسه..

خفت ان اكون خائنا لحب حنان..

اعجبني بسميره خفت دمها-استطرد احمد قائلا- بشرتها التي تميل الى السمار قليلا..كنت قد سمعت من اولاد الحاره ان سميره لها علاقات مع شباب الحاره..

وانها دائمه الابتسام والضحك وتحب المرح..

بدا حب الفضول يتملكني..وضعتها تحت المراقبه. .

شاهدت بام عيني ..لم يقل لي احد..شاهدت سميره تركب بسياره خصوصي مع شاب وهي بمريول المدرسه الأخضر. .زاد اعجابي بقوة شخصيتها وجراتها..

شباب الحاره يحومون حول بيتها..كانهم ينتظرون احسانا منها بابتسامه..اونظرة من خلف نافذة بيتها..

لم اجرؤ ان اتحدث معها...

استيقظت ذات صباح على طرق على زجاج نافذه غرفتي..

فتحت النافذه بعد ان نهضت من فراشي..رايتها..

انها سميره تبتسم لي..

القت لي بهذه القصاصه..بدات اخاف من جراتها..خفت ان اذهب مره اخرى لمدرستها..بعدها سمعت ان سميره تزوجت وسافرت الى الامارات العربية المتحدة. .

بعد ان وضع احمد قصاصه الورق التي من سميره ..فوق رساله حنان ..

تناول مجموعه من الأوراق مربوطه معا بخيط من حرير..

رائحة عطر نسائي تفوح منه..اه..هذه الرسائل من ناديا..

درست معها اربع سنوات في الجامعه. .

لم اهتم بها ..

كان ينتابني احساس كلما التقي بها..انها دائمت الاهتمام بي..

تحاول ان تقف بقربي..

بعد ايام اكدت احساسي هذا زميلتنا خوله..بقيت مشاعري نحو ناديا..

مشاعر زميل لزميلته بالجامعة. .

ناديا تكتب لي الرسائل..

وترسلها لي مع خوله..

اصبحت خوله مرسال الغرام..

بس للاسف من طرف واحد..

بصراحه لم اجرؤ على كتابه الرد ..

شخصيتها قويه. .

تتمتع بذكاء خارق..

حين تقف جواري اشعر ان شخصيتها تطغى على شخصيتي..احبها..

اخاف منها..كطفل يخاف من والدته لكنه يحبها. .

شاهدت اكثر من طالب حاولوا التقرب منها ..الا انها صدتهم..

تقربت مني اكثر ..

لم استطع ان اعترف لها بحبي..

مع ناديا انا جبان..جبان..

مضت سنين الجامعه مسرعة..قررت بعد تخرجنا باشهر ان اذهب لخطبه ناديا..

اخيرا اخذت اجرأ قرار في حياتي..

فاتحت والدي بموضوع خطبه ناديا..

واقنعت والدتي بها..

وذهبنا لمنزلها..لطلب يدها..

رفضت ناديا طلبي فورا..

صارخة بوجهي..

انت لست رجلا.. 

انت مريض..

اذهب عالج نفسك اولا..

انت لست الرجل المناسب لي ..

انزويت اياما بغرفتي..

غرقت بعدها بعملي الجديد..

قرات بعدها في احدى الصحف خبر زواج ناديا من احد زملاؤنا في الجامعه..

وضع رسائل ناديا فوق اخواتها ..

هم باعادتهم للخزانه..

استوقفته رساله من اخته.تساله عن زواجه..لماذا لم يتزوج لحد الان ؟!.

.فعلا يجب ان اتزوج..ماذا ينقصني؟

يجب ان اتخذ موقفا في حياتي..

يجب ان تعود لي ثقتي بنفسي..

لا ينقصني الان سوى زوجه جميله.

تحبني واحبها..

سوف انجب طفلين فقط..

ولد وبنت..بكفي..

بس نعرف نربيهم..

طيب اتزوج مين؟..

مين ياربي..بدي زوجه تشبه حنان بجمالها..

بشعرها الاسود..

وبدي اياها بلون بشره سميره..

انا بحب السمر..

وبدي اياها اذكى من ناديا..

بدي اياها متعلمه..

بدي اخلاقها عاليه..

اهم اشي عندي اخلاقها..

بس وين بدي الاقي بنت بهاي المواصفات..

بس لازم اتنازل شويه..

يمكن برضه بواحده شعرها بني..

انحف شويه من حنان...

حتى لو كانت بيضه..

ومالهم البيض؟..

في منهم حلوين..

لو كانت اقل ذكاء من ناديا..بكون احسن..بشوف حالي عليها...

لو فرضنا سالتني عن هاي الرسائل شو بدي احكيلها..احسن اشي ارميهم...

خطرت له فكره..

اخرج ولاعه من الخزانه..

احرق اولا رساله حنان .

الحق بها قصاصه سميره..

وبدا بحرق رسائل ناديا ..

الواحده تلو الأخرى. .

علت ابتسامة صفراء وجهه. .

انتهى من حرق الرسائل..

تامل الورق المحروق. 

شاهد بقايا اسم ناديا.

نهض من جلسته..

سحق الرماد بكلتا قدميه..

عاد الى طاولته العزيزه على قلبه ..

نظر الى رماد الرسائل المتطاير في ارجاء الغرفه..

تناول قلما ..كتب رساله لاخته. 

قائلا فيها..انا مستعد الان للزواج باي فتاه تقبل بي..

كتبتها في عام 1985م..

قبل 40عاما

اول مجموعه قصصية...اكتبها

جزاء النضال 

سالم غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي





Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*