هدنة
قصة قصيرة
قال لها : لماذا أعترف وحدي بحبك ؟ بينما تنفرين منّي في بعض الأحيان؟ لماذا ترفضين ضعفي و إستكانتي أمامك؟ و ترفضين ولهي؟ تسخرين من لهفتي عليك و لهثي وراءك من غرفة إلى أخرى ؟ و من شرفة إلى أخرى؟ تسفّهين رأيي فيك عندما أمدحك ؟ وتذكّرينني دائما بنقدي اللاذع لك في مرات سابقة ؟ لم تريدينني أن أكفّ عن الصراخ في وجهك ؟ عندما لا تفهمينني ؟ و لا تشعرين بي ؟ و كيف أظلّ وقورا ، عاقلا ، صامدا أمام هذا الجمال؟ دون أن أتأثر؟ تعلمين أنّي أعشق هذا العطر الذي أحيانا ما تضعينه ، و ذلك الماكياج ، و تلك التسريحة ، و ذلك القميص كل ذلك يجعلني كالطفل الذي يريد أن يدفن رأسه في صدر أمه ليشعر بالأمان فأرتمي عند قدميك ، و عندما تنظرين لي نظرة رضا أشعر أنّي أمتلك الدنيا و ما فيها أزهو بنفسي و أجدني أفضل الرجال بل كل الرجال ، لكنني عندما ألمح في عينيك بعض الضجر من تصرفاتي أشعر بالدونية و التوحّد فأنا ككل الرجال عندما أعود من عملي أكون متعرقا و لا أطيق نفسي و لا أودّ سماع أي شيء من مشاكل الحياة اليومية كل ما أريده فقط أن أرتمي على فراشي بكل هدوووء حتى أنني لا أغتسل و لا أبدّل ملابسي و لا حتى جواربي فإذا لم أبتسم في وجهك ، أو ألمح تغيير قطعة أثاث من مكانها أو فاز تلومينني و تصفينني أنني غير لمّاح و لا أفهمها و هي طائرة لكنني يا حبيبتي أكون مشوشا ، متعبا ، كمن كان في ساقية تدور به و فجأة توقفت الساقية فكأني مضروب على رأسي بشيء ثقيل ، وقتها يكون النوم عندي أفضل من الطعام الذي صنعتيه بيديك و وقفت لساعات في المطبخ و قبلها نزلت للسوق كي تشتريه فلا تغضبي منّي حين لا آكل قبل النوم و لا تظنين أنّي أكلت خارج المنزل عشاءا فاخرا دونك و لست أنكر أنّي فعلتها بضع مرات و لكن ليس كل ليلة فلا تنظرين لي نظرة اللوم التي تقتلني و عندما أنام كأنّي قتيل يصدر منّي صوت شخير فتهزينني لأعتدل في نومي و في الصباح قد أبتسم و قد أنتظر بعض الوقت حتى أفيق و غالبا ما أشرب الشاي و القهوة التي تلومينني على لون أسناني الذي زاد إصفرارا منهما و تطلبين منّي أن أكثر من غسلهم و أنا لا أحب ذلك ، و عندما أسألك عن أحداث الأمس لا أجد منك حماسا كافيا ، تحكين لي و كأنك تنفضين شيئا ثقيلا عن كاهليك و أطلب منك أن تجلسين بجواري بعض الوقت ، تجلسين قلقة و كأنك تريدين الفرار منّي ، فأحتدّ عليك و تنزل دمعاتك ، و نصل إلى نقطة البداية و كأننا لا نعرف بعضنا أبدا فأنظر إليك من بعيد أراك ترتدين مريلة المطبخ فأود أن أمزقها و ألقي بها من النافذة ، تغسلين و تطبخين و تنظفين ، فأغار من كل هذه الأشياء فأنا أريدك لي وحدي ، وعندما أخرج من البيت نظفيه كما تريدين و إحملي هموم البيت كما تريدين ، لماذا لا تجعلينني من بعض همومك؟ لماذا لا تجعلين لي حصة في حياتك؟ لا يشاركني فيها شيء؟ ليتني أستطيع أن أجلب لك عصاة سحرية تفعل لك ما تريديننه بالبيت لتكوني هادئة البال و أنت معي فلا تهتمين إلاّ بي و لا تفكرين إلاّ فيّ لماذا لا تأخذين هدنة من عمل البيت؟ و أنا أيضا آخذ هدنة من عملي وأستريح بالبيت؟ لكن وقتها لن نجد طعاما ، و لن نستطيع دفع الإيجار ، و فاتورة المياة و الكهرباء و التليفون ، سأملّ منك و تملّين منّي .. فلنتحمّل .. بعضنا إذن .
أحلام شحاتة أبو يونس