في أعماق النفس البشرية، تتربع قيمة
عظيمة وراسخة، هي عزة النفس
. بقلم: حجاب حسن
إنها ليست مجرد شعور بالكرامة أو الاعتداد بالذات، بل هي حالة من الوعي العميق بالقيمة الذاتية، والاقتناع الجازم بأهمية الذات واستحقاقها للاحترام والتقدير. عزة النفس ليست غرورًا أو تكبرًا، بل هي قوة داخلية تدفع الإنسان للحفاظ على صورته وسمعته، وتجنب كل ما يقلل من شأنه أو يحط من قدره.
تتجلى عزة النفس في صور وأشكال متنوعة في حياة الأفراد. فهي تظهر في القدرة على قول "لا" عند الضرورة، وعدم الانجرار وراء رغبات الآخرين على حساب المبادئ والقيم الشخصية. كما تتضح في الثبات على المواقف الحق، والدفاع عنها بشجاعة دون خوف من النقد أو الاستهزاء. صاحب عزة النفس يتمتع بقدرة عالية على تحمل المسؤولية عن أفعاله وقراراته، ولا يلقي باللوم على الآخرين عند الفشل أو الخطأ.
إن لعزة النفس تأثيرًا عميقًا على حياة الفرد والمجتمع على حد سواء. على المستوى الشخصي، تمنح الإنسان شعورًا بالثقة بالنفس والرضا الداخلي، وتجعله أكثر قدرة على مواجهة التحديات والصعاب. كما أنها تحفزه على تحقيق أهدافه وتطلعاته، والسعي نحو الأفضل دائمًا. أما على المستوى الاجتماعي، فإن انتشار ثقافة عزة النفس يسهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك، يحترم فيه الأفراد بعضهم البعض، ويسود فيه العدل والمساواة.
لا شك أن تنمية عزة النفس في الأفراد تتطلب جهدًا واعيًا وتربية سليمة. تبدأ هذه العملية منذ الصغر، من خلال تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتقدير إنجازاته، وتشجيعه على التعبير عن رأيه بحرية واحترام. كما أن القدوة الحسنة تلعب دورًا هامًا في غرس قيم عزة النفس في نفوس الأجيال الناشئة.
في الختام، يمكن القول إن عزة النفس هي جوهر الكرامة الإنسانية، وهي أساس بناء شخصية قوية وفاعلة في المجتمع. إنها ليست مجرد صفة مكتسبة، بل هي حالة من الوعي العميق بالذات والقيمة، تستحق العناية والتنمية في كل فرد. فبعزة النفس، يرتقي الإنسان بنفسه ويسمو بمجتمعه.