دموع أمي
جلس الطفل بجانب أمه في صمت،
وقد لاحظ دمعة تنحدر على خدها دون أن تنطق بكلمة. اقترب منها وسألها ببراءة:
لماذا تبكين يا أمي؟
ابتسمت ابتسامة حزينة واحتضنته قائلة:
لأني امرأة يا بني… ولن تفهم هذا أبدًا.
ظل السؤال يرافقه سنوات طويلة.
وحين واجه أباه بالسؤال نفسه، أجابه باختصار:
جميع النساء يبكين بلا سبب.
لكن قلبه الصغير لم يقتنع.
مرت الأعوام، وكبر الطفل وصار شابًا يبحث عن الحكمة في كل شيء.
حتى التقى بعالم حكيم، فسأله:
يا سيدي،
لماذا تبكي النساء كثيرًا؟
ابتسم الحكيم وقال:
عندما خلق الله المرأة،
جعل لها أكتافًا قوية لتتحمل عليها أحمال الدنيا،
وذراعين ناعمتين تمنح بهما الراحة.
أعطاها قلبًا صبورًا ليتسع لأولادها،
وقوة داخلية لتتحمل آلام الولادة وتربية الأبناء،
وصبرًا لتبقى صامدة في أصعب الظروف دون شكوى. ولأنها إنسانة عظيمة،
منحها دموعًا تذرفها ساعة الحاجة…
لتخفف عن نفسها وتواصل الرحلة.
سكت الشاب طويلًا،
وأدرك أن دموع أمه لم تكن ضعفًا كما ظن يومًا،
بل كانت لغة قوة لا يفهمها إلا من أحب.
تذكر يوم ولادته،
حين انقطع الحبل السري،
لكن بقي أثره في جسده ليذكره دائمًا بامرأة عظيمة غذته من جسدها،
وربته بقلبها،
وحمته بدموعها.
رفع يديه إلى السماء وقال:
اللهم اجعل أمي وأمهات العالم من أهل الجنة،
فأنت وحدك تعلم كم تحملن في صمت، وكم قدّمن بلا انتظار مقابل.
وهكذا أدرك أن المجتمع لا ينهض إلا بامرأة عظيمة،
هي الأم،
وهي الأخت،
وهي الزوجة،
وهي الابنة…
وأن احترام دموعها هو احترام لإنسانية كاملة.