بقلم: رضوان شبيب
لم تعد الحكاية مجرد خبر عابر عن اختفاء أسورة فرعونية من المتحف المصري، بل تحولت إلى مهزلة مكتملة الأركان، تكشف حجم الاستهتار بعقول الناس قبل استهتارهم بالآثار نفسها.
كيف يعقل أن قطعة ملكية أثرية، لا تقدر بثمن، تختفي في 9 سبتمبر، ثم لا يكتشف أحد الأمر إلا في 13 سبتمبر؟! أربعة أيام كاملة تمر وكأننا نتحدث عن موبايل مفقود، لا عن كنز فرعوني فريد.
ثم تأتي الرواية الرسمية لتقول لنا إن "خبيرة ترميم" سرقتها و باعتها إلى تاجر فضة بمبلغ 180 ألف جنيه فقط! أي عبث هذا؟ هل يعقل أن متخصصة في الترميم لا تعرف قيمة قطعة أثرية نادرة؟ بل هل يعقل أن تبيعها بسعر لا يساوي حتى ثمن الذهب الخام لو صهر؟
الأدهى والأغرب، سلسلة الوسطاء: من موظفة → تاجر فضة → تاجر ذهب → مسبك → عامل. وكأننا أمام سيناريو من مسلسل رديء الحبكة، الهدف الوحيد منه إقناع الناس أن اسورة "ضاع أثرها" وانتهى الموضوع.
ونسأل هنا:
كيف صهرت قطعة فرعونية في مسبك دون أن تكتشف مصلحة الدمغة اختلاف العيار والتركيب؟
كيف قبل التاجر شراءها بهذا الثمن الهزيل، بينما قيمتها التاريخية تساوي ملايين الدولارات؟
من المستفيد الحقيقي من هذه المسرحية؟
الحقيقة أن ما قدم للإعلام لا يتجاوز كونه قصة مفبركة لإغلاق الملف. اسورة لم تختف عبثا، ولم تبع بسذاجة، بل الأقرب أنها خرجت عبر شبكة أكبر إلى اياد تعرف قيمتها الحقيقية، سواء لقيتني خاص أو لمزاد دولي، فيما تركت "خبيرة الترميم" كبش فداء لإقناع الرأي العام أن القضية انتهت.
إن هذه السرقة ليست مجرد جريمة ضد المتحف المصري، بل جريمة ضد الوعي العام. محاولة لترويض عقولنا على تصديق أن آثار مصر تعامل كأنها "سبيكة ذهب" عادية تباع و تصهر
لن نقبل أن تختزل الكارثة في تاجر ورشة و مسبك، بينما الحقيقة أعمق وأخطر. المطلوب الآن تحقيق شفاف وحقيقي، يكشف من هم الأطراف الكبرى وراء هذه الجريمة، لأن المسرحية التي شاهدناها لا تنطلي على عاقل.
الحقيقة الخفيفة
"أسورة الملك بسوسنس.. هل هربت للخارج تحت ستار الصهر؟"