بقلم الاعلاميه دكتوره غاده قنديل
![]() |
أزمة السكن في مصر لم تعد مجرد أرقام تتعلق بمواد البناء أو أسعار الأراضي، بل أصبحت معركة بقاء للطبقة المتوسطة والشباب، الذين يرون حلمهم في امتلاك مسكن بسيط يتحول إلى سراب.
ولعل المقولة الشهيرة لرجل الأعمال نجيب ساويرس تختصر حجم الفجوة:
> "الشقة اللي بتتباع بمليون جنيه، تكلفتها الحقيقية ما تزيدش عن 300 ألف… والباقي فوائد قروض وتمويل لشركات الإسكان."
هذه الكلمات تكشف أن الأسعار ليست انعكاسًا لتكلفة البناء، بل نتيجة تراكم فوائد القروض، والأرباح المبالغ فيها، وحملات التسويق الضخمة. النتيجة النهائية: المواطن البسيط هو من يدفع الثمن.
إسكان اجتماعي أم إسكان للأغنياء؟
المفارقة المؤلمة أن مشروعات "الإسكان الاجتماعي"، التي يُفترض أنها موجّهة لمحدودي الدخل والطبقة المتوسطة، وصلت أسعارها إلى أرقام خيالية تقترب من أسعار الكمباوندات الخاصة. وهنا يبرز السؤال: لمن تُبنى هذه المشروعات؟
هل الهدف فعلاً خدمة الشباب والطبقة المتوسطة؟ أم أنها أصبحت سلعة جديدة تُباع للطبقة الغنية تحت شعار "اجتماعي"؟
حل واقعي: الدولة كمستثمر شريك
من ضمن الحلول التي يمكن أن تغيّر المعادلة، أن تقوم الدولة بطرح أراضٍ صالحة لإقامة كمباوندات بسعر رمزي أو منخفض، وتُسند بنائها لشركات محلية، مع اعتبارها استثمارًا مشتركًا بين الدولة والمواطن.
الدولة تقدم الأرض والبنية الأساسية.
الشركات تنفذ المشروعات بمواصفات معقولة.
المواطن يحصل على وحدة سكنية بسعر حقيقي لا يتجاوز التكلفة + هامش ربح معقول.
هذا النموذج سيحوّل المواطن من مجرد "زبون" يدفع دم قلبه، إلى شريك حقيقي في التنمية. كما أنه يُخرج السوق العقاري من قبضة المضاربة والتمويل المصرفي المرهق، ويعيد التوازن بين العرض والطلب.
الرسالة الأخطر
ترك الطبقة المتوسطة فريسة الأسعار الفلكية يعني عمليًا تآكلها وانزلاقها إلى طبقات أدنى، وهذا أخطر ما يمكن أن يهدد الأمن الاجتماعي للدولة. فالاستقرار السياسي يبدأ من استقرار الأسرة، واستقرار الأسرة يبدأ من بيت يأويها.
الخلاصة
إذا كانت الشقة التي تكلفتها 300 ألف تُباع بمليون، وإذا كان "الإسكان الاجتماعي" موجّهًا للغني لا للمتوسط، فهنا تكمن الأزمة. الحل في يد الدولة، ليس فقط كمنظم، بل كشريك في الاستثمار. تقديم الأراضي بأسعار عادلة، وبناء مشروعات تراعي الشباب والطبقة المتوسطة، هو الطريق الوحيد لاستعادة التوازن، وإحياء الأمل في نفوس الاسره المصريه