قناع الشرف للكاتب سالم غنيم

نسمات الحياة
0

 قناع الشرف



في مطارٍ دولي مزدحم، كانت ليلى، سيدة عربية مسافرة إلى إحدى العواصم الأوروبية، تقف في صف التفتيش وهي تشعر بالقلق. في حقيبتها مبلغ كبير من المال تجاوز الحد المسموح به، وكانت تخشى أن يُصادر في حال اكتشافه.


اقترب منها رجل أنيق في الخمسينات من عمره، يحمل جواز سفر دبلوماسيًا بيده، ابتسم قائلاً بصوتٍ هادئ:

تبدين متوترة يا سيدتي…

 هل كل شيء بخير؟


ترددت ليلى، ثم تنهدت وقالت:

بصراحة… 

أحمل معي بعض المال فوق المصرح به، ولا أريد أن أتعرض للمشاكل.


ابتسم الرجل بثقة وقال:

الأمر بسيط… 

اقسمي المبلغ بيننا، 

وإذا أوقفوك، سيكون عندي نصفه، 

أما إذا أوقفوني، فهو عندك. وإذا نجوتُ أنا، سأعيده لك لاحقًا.


ترددت ليلى قليلًا، لكن بدا لها صادقًا، خاصة بجوازه الدبلوماسي، فأعطته نصف المبلغ وكتبت له عنوانها.


وصلت ليلى إلى التفتيش قبل الرجل، وتم تمرير حقيبتها دون مشاكل، فتنفست الصعداء. لكن فجأة سمعت صوت الرجل من خلفها يصيح للضابط:

توقفوا! 

هذه السيدة تحمل مبلغًا كبيرًا مخالفًا للقانون. نصفه عندي، لكنني لا أستطيع خيانة وطني، أريد أن أكون مثالًا للمسافر الشريف!


التفت الجميع نحو ليلى بدهشة، وتم تفتيش حقيبتها من جديد، فعثروا على المبلغ المتبقي وصادروه، بينما أشاد الضابط بالرجل على نزاهته وقال له:

أمثالك هم من يشرفون بلادهم!


رحل الرجل بابتسامة خفيفة، فيما غرقت ليلى في صدمة وغضب.


بعد يومين، بينما كانت في بيتها، سمعت جرس الباب. فتحت لتجده واقفًا هناك بنفس الأناقة والهدوء، يبتسم وهو يحمل ظرفًا كبيرًا. قالت له غاضبة:

ما الذي تريده الآن؟ 

ألا يكفي ما فعلته؟


ناولها الظرف وقال:

هذا مبلغك… 

مع زيادة صغيرة. أردت فقط أن أشكرك على تعاونك.


نظرت ليلى بدهشة، ثم صاحت:

لماذا فعلت كل هذا؟


أجاب ببرود:

كنت مضطرًا لإلهاءهم عن حقيبتي، فقد كانت تحتوي على مجوهرات بملايين الدولارات…

 الوطن الذي يصفقون لي من أجله؟

 تركته خلف ظهري منذ سنوات.


أغلق الباب وراءه بهدوء، تاركًا ليلى مذهولة، وهي تدرك الحقيقة القاسية:

أحيانًا، أكثر من يرفع شعار الشرف…

 هو أكثر من يسرق في الظل.

سالم حسن غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*