حلم و .. خيبات
قصة قصيرة
ولدَت بأسنان ذات بنية قوية ، لم تعاني معاناة أربابها من أوجاع الاضراس وغيرها من معاناة الأخريات ، غير إبتلاء ٍ مختلف بعض الشيء ..
هي تعاني من الاصفرار الطاغي على لون اسنانها منذ الصغر ، لم تتأثر بقبح مرأها بالصغر ، أما بعد بلوغها السن المطلوب بمظهرها الغير مقبول ، بدت عاهة مستديمة ووشما ً مقززا ً كلما أفرغت فاها .. في البداية كانت مراجعاتها مقتصرة على غسل الاسنان سنويا ً ثم نصف سنوي لتفادي الاحراج ، لكن بعد مرور عشرات الاعوام كان لابد من تدخل طبي إشعاعي ( ليزري ) للظهور المقبول ..
وجاءت اللحظة التي طلبت من طبيبها المعالج العلاج الليزري ، وبطبعها الدمث واسلوبها الاستفساري سألته :
- دكتور سمعت ُ بأن هناك إشعاع ليزري يقوم بمنح الشخص إبتسامة هووليود .. صحيح هذا الكلام ؟
الدكتور وقد استقام عن جلسته وبحركة مسرحية تنم عن كبره وغروره الخانق للسؤال الذي لم يعجبه ، أجاب :
- نعم صحيح ، وما دخلك ِ أنت ِ بذاك ؟!
هي :- أرغب بالحصول عليها ..
وبعد دقيقة صمت ٍ مُربك ، وقد إرتسم على وجهه جميع أيات الرفض والسخرية ، ليقول دون أي مراعاة للإنسانية :
- حسنا ً ، أذا منحتك تلك الإبتسامة ، ماذا ستعطين مقابلها ؟ .. أنت ِ لا تملكين إمكانيات الممثلات ولا الغانيات حتى أستعيد خبرتي من خلالها ، أنت ِلا تملكين ذاك المبلغ من الجمال والجرأة للعمل في هذا المجال ، وعليه أنصحك بنسيان الفكرة لأنك ِ لن تناليها ابدا ً ..
خيبة ٌهائلة و.. جرح ٌ عميق ، لقد طعنها بانوثتها بوجع ٍكبير .. هي حقا ً لاتمت ُ لجنس الانثى بشيء سوى الاسم .. إمراة !! والف علامة استفهام ..
ما كان عليها الا تناسي الأمر لكي تستمر بالبقاء وتطلب العوض من الله ..
مرت السنوات في عجلها المعهود ، وعاد الحلم ليراودها من جديد في عيادة طبيب اخر يبشر بالخير ، على ما يبدو من المقاعد الوثيرة والزرع الاخضر وسكرتير ٌ واثق النفس كأنه الطبيب بعينه ، المكان مُشَجع للخوض بعملية تطبيب الجرح القديم ، وأثناء عمله في ضرس إبنتها سألته ُ نفس السؤال السابق مع التعثر بالحروف وتقديم كلمة على عبارة وعبارة على جملة ، وبعد سماع سؤالها أبدى نفس الشعور السابق ، رمى اداته ُ جانبا ً ليفتح جرحا ً جديد وبكل ثقة وبرود مُجيبا ً :
- نعم ، هناك ( تبييض ليزري ) بمبلغ ... الف دينار ، وهو لايدوم لاكثر من ست شهور وربما أربعة أشهر ، هل تملكين مثل هذا المبلغ لأقوم باللازم ؟!
كان وقع ُ جملته الاخيرة ثقيلا ً جدا ً على لسانه ، وكأنه ُ يُذَكرها بإمكانياتها المادية المتدنية لما ذكر من مبلغ ، وبملامح يطغيها الحزن ودموعاً جاهدت لإخفائها ، زرع َ جرحا ً آخر بمحاذاة الجرح القديم .. نعم .. هي بلا إمكانيات أنثوية وايضا ً مادية ... بلا سند غير عكاز ٍ تهش ُ بها على ما تبقى لها من أيام .. وماتت الاحلام ..
أحلامنا الصغيرة وغطرسة الواقع وقسوته ، ينزفها القلم فوق سطور لا تملكها حتى حق المصداقية .. وتمت كما تم الكثير غيرها من أوجاع .
وعلمتني الحياة ( لا تسأل إحتياجاتك ، بل أفرضها ) .
بقلمي
لقاء شهاب زنكنة
٢٠٢٥/٨/٣