نسمة قلم الدولية: الطائر الذي عاد.. بقلم الكاتب المبدع سالم غنيم

Najwa Ezzedine
0

 الطائر الذي عاد



في ربيعٍ هادئ،

 على أطراف قرية صغيرة تحيط بها أشجار اللوز،

كانت رُقيّة، الأرملة الخمسينية، 

تعيش وحدها في بيت متواضع، 

جدرانه مغطاة بصور أبنائها الذين سافروا منذ سنوات ولم يعودوا.


كل صباح، 

تفتح النافذة الخشبية،

 وتضع فتات الخبز على حافة الحوض الحجري.

تقول:

هذول لأولادي الطيور… 

ما قصروا معي يوم.


في أحد الأيام، 

جاء طائر صغير،

 رمادي الريش، 

مكسور الجناح.

وضعته برفق في صندوق قديم، 

وبدأت تُطعمه وتضمّد جناحه بقطعة شاش.


مرّ أسبوع…

 ثم اثنان…

 ثم عاد للطيران.

وقفت رقيّة أمام باب البيت،

 فتحت كفّها، وقالت:

اطلع يا حبيبي…

 الله يفتحها عليك.


طار الطائر…

 وابتعد.


ظنّت أنها لن تراه مجددًا، 

كما اعتادت الخذلان.

لكن بعد يومين، 

جاء فجأة، 

حطّ على حافة النافذة، 

ونقر زجاجها بخفة.


ضحكت رقيّة حتى دمعت عيناها.

رجعت؟ 

والله إنك أحن من أولادي!


ومنذ ذلك اليوم،

 صار الطائر يعود كل صباح.

يحط على كتفها أحيانًا،

 أو يُغني لها من فوق الغصن.

وحين كانت تزور  بيت الجيران، 

كان ينتظر…

 لا يأكل حتى تعود.


قالت عنها نساء القرية:

جنّت رقيّة… 

بتحكي مع طير!

لكنّها لم تُبالِ.

 كانت ترد بابتسامة خفيفة:

هو بيحكي معي… 

وأنا بفهمه.

لم يكن في الأمر سحر،

 ولا معجزة،

لكن الطائر، ببساطة،

 عاد.


لم يَقل شيئًا، 

لم يحمل هدايا،

فقط عاد…

وأثبت أن الوفاء ليس وظيفة،

 بل فطرة.


فمن كان الأقرب للقلب؟

الذي تذكّر من سقاه؟

أم الذين نسوا من رَبّاهم؟

سالم غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي 

من مجموعتي القصصيه 

عالم اخر


Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*