الصبار و اللد
في قلب مدينة اللد(مدينه فلسطينيه)،
حيث الشمس الذهبية تلامس بيوت الحجر القديمة،
وتاريخ الأرض يتنفس بين الأزقة،
كانت هناك نبتة صبار(تين شوكي) شامخة تعيش على سور بيت جدي أبو خليل غنيم. لم تكن مجرد نبتة عادية،
بل كانت رمزًا للصمود والعطاء،
مثل أهل اللد أنفسهم.
كان جدي يحكي لي دائمًا: يا ولدي،
الصبار مثل أهل اللد،
لا يموت بسهولة! يعطيك ظلًا وحلوًا حتى لو لم تسقيه كل يوم!.
وكان يقطف لي ثمار الصبر الحمراء من فوق السور،
وينظفها بحرص من الشوك،
ثم يقدمها لي كهدية ثمينة.
لكن ذات صيف،
تعرضت المدينة لموجة حر شديد،
وجفت الأرض،
حتى بدا أن الصبار قد أصابه الذبول.
قلت لجدي: لقد مات الصبار!
لكنه ضحك وقال: انتظر قليلًا....
وبعد أيام، هطلت أمطار خفيفة،
فإذا بالنبتة تعود أكثر اخضرارًا من قبل، وتزهر بأجمل الألوان!
وفي يوم من الأيام،
جاءت جارتنا أم محمد تشكو من آلام في بطنها،
فقام جدي بقطع ورقة من الصبار،
عصرها،
وأعطاها لها كعلاج.
قالت بعدها: والله، دواء الأرض ولا دواء الصيدلية!.
أما الصبر، فكان بقال الحاره الحاج ابو سليم،
يبيعه في كشكه،
ويقول للزبائن: هذا فاكهة الجنة،
من أرض اللد الطيبة!.
وكان الأطفال يجتمعون حوله،
يشتريه الواحد منهم ب متليك (عمله فلسطينيه)..
ويأكلونه بفرح،
رغم شوكه الذي يلسع الأصابع أحيانًا.
الدرس الذي تعلمته: الصبار ليس مجرد نبات،
بل هو قصة صبر وكرم،
مثل مدينة اللد وأهلها.
يعطونك الحلو والحامض،
لكنهم دائمًا يقفون شامخين كالسور القديم، ينتظرون الغيث ليعطوا من جديد.
والله يا مدينة اللد، يا أرض الزيتون والصبار، ما في أحلى من ثمارك!
سالم غنيم
حكواتي الوجدان الشعبي
من مجموعتي القصصية
الصبار حارس الدار