كتبت : شيماء محمود
تعتبر قضية حقوق المرأة المطلقة من القضايا المحورية التي تتطلب اهتمامًا بالغًا في المجتمعات الحديثة، فبعد تجربة الزواج وما يتبعها من مسؤوليات وتضحيات، تجد المرأة نفسها أحيانًا في مواجهة تحديات جمة بعد الانفصال، خاصة إذا لم تكن هناك آليات قانونية واجتماعية قوية لحماية حقوقها. إن توفير "دريع" يحمي المرأة المطلقة ليس مجرد إجراء قانوني، بل هو ضرورة إنسانية واجتماعية لضمان استقرار الأسرة والمجتمع ككل.
أهمية الدريع القانوني للمرأة المطلقة
الدريع القانوني للمرأة المطلقة يعني وجود إطار تشريعي شامل وفعال يضمن لها حقوقها كاملة بعد الانفصال. تشمل هذه الحقوق جوانب متعددة، منها:
النفقة: يجب أن يكفل القانون حق المرأة المطلقة في نفقة مناسبة وكافية لتلبية احتياجاتها الأساسية واحتياجات أطفالها، وذلك بما يتناسب مع دخل الزوج السابق وقدرته المالية. هذه النفقة ليست عقوبة للرجل، بل هي التزام بتحمل المسؤولية المشتركة تجاه الأسرة التي كانت قائمة.
حضانة الأطفال: تعد حضانة الأطفال من أهم القضايا التي تثار بعد الطلاق. يجب أن يضمن القانون مصلحة الأطفال الفضلى، مع مراعاة حق الأم في الحضانة في غالب الأحيان، وتوفير آليات واضحة لتنظيم الرؤية والزيارة لضمان استمرار العلاقة بين الأطفال والوالدين.
المسكن: في كثير من الحالات، تفقد المرأة المطلقة مسكنها بعد الطلاق، مما يزيد من معاناتها. يجب أن ينص القانون على حقها في الحصول على مسكن مناسب لها ولأطفالها، سواء كان ذلك بتوفير مسكن من قبل الزوج السابق أو بآليات دعم حكومية.
حقوق الميراث والتأمين: يجب أن يضمن القانون للمرأة المطلقة حقوقها فيما يتعلق بممتلكات الزوجية، وكذلك التأمينات والمعاشات التي قد تستحقها بناءً على وضعها السابق كزوجة.
التأهيل والدعم النفسي والاجتماعي: إلى جانب الحقوق المادية، تحتاج المرأة المطلقة غالبًا إلى دعم نفسي واجتماعي لمواجهة التحديات الجديدة. يمكن أن يشمل الدريع القانوني توفير برامج تأهيل مهني لمساعدتها على الاعتماد على نفسها اقتصاديًا، بالإضافة إلى مراكز دعم نفسي لتقديم المشورة والإرشاد.
تحديات تطبيق الدريع القانوني
رغم وجود قوانين لحماية المرأة المطلقة في العديد من الدول، إلا أن هناك تحديات تواجه تطبيقها على أرض الواقع:
البطء في الإجراءات القضائية: قد تستغرق قضايا الطلاق والحقوق المتعلقة بها وقتًا طويلاً في المحاكم، مما يزيد من معاناة المرأة.
التنفيذ الفعلي للأحكام: في بعض الأحيان، يواجه تنفيذ أحكام النفقة والحضانة صعوبات، مما يترك المرأة دون حماية حقيقية.
الوصمة الاجتماعية: لا تزال بعض المجتمعات تنظر إلى المرأة المطلقة بوصمة سلبية، مما يؤثر على فرصها في العمل والاندماج الاجتماعي.
عدم الوعي بالحقوق: قد تفتقر بعض النساء المطلقات إلى الوعي الكامل بحقوقهن القانونية، مما يجعلهن عرضة للاستغلال أو التنازل عن حقوقهن.
نحو دريع شامل ومتكامل
لتحقيق حماية شاملة للمرأة المطلقة، يتطلب الأمر تضافر جهود عدة جهات:
تطوير التشريعات: يجب مراجعة وتحديث القوانين باستمرار لتتواكب مع التغيرات الاجتماعية وتضمن حقوق المرأة المطلقة بشكل كامل وفعال.
تبسيط الإجراءات القضائية: يجب العمل على تسريع وتيرة التقاضي وتبسيط الإجراءات لضمان حصول المرأة على حقوقها في أسرع وقت ممكن.
آليات التنفيذ الفعال: ينبغي وضع آليات قوية وفعالة لتنفيذ الأحكام القضائية المتعلقة بالنفقة والحضانة، وضمان عدم التهرب من المسؤوليات.
الدعم المجتمعي والمؤسسي: يجب أن تضطلع مؤسسات المجتمع المدني بدور فعال في توعية المرأة بحقوقها، وتقديم الدعم القانوني والنفسي لها، وتنظيم برامج تأهيل مهني.
تغيير النظرة المجتمعية: يتطلب الأمر جهودًا حثيثة لتغيير النظرة السلبية للمرأة المطلقة، وتعزيز ثقافة الاحترام والتقدير لدورها في المجتمع.