نسمة قلم الدولية: قسوة الأيام واختلاف التعامل مع البشر بقلم الكاتبة شيماء محمود

Najwa Ezzedine
0

 قسوة الأيام واختلاف التعامل مع البشر

بقلمي : شيماء محمود 



تُعدّ الحياة رحلة مليئة بالتقلبات، لا تخلو من لحظات الفرح والسرور، ولكنها تحمل أيضًا نصيبها من التحديات والمصاعب التي نطلق عليها غالبًا "قسوة الأيام". هذه القسوة لا تقتصر على الظروف المادية أو الأحداث الكبرى، بل تمتد لتشمل طريقة تعاملنا مع بعضنا البعض، وكيف تؤثر هذه التجارب الصعبة على نظرتنا للبشر.

قسوة الأيام: تجارب تشكلنا

تأتي قسوة الأيام بأشكال متعددة؛ قد تكون فقدان عزيز، أو خيبة أمل في عمل ما، أو مواجهة مرض عضال، أو حتى مجرد سلسلة من الإخفاقات المتتالية. هذه التجارب الصارة لا تتركنا كما كنا، بل تنحت في أرواحنا آثارًا عميقة. يتعلم المرء منها الصبر، ويكتشف قوة لم يكن يعلم بوجودها، وقد تدفعه إلى إعادة تقييم أولوياته وقيمه في الحياة.

ولكن، لا يمكن إنكار أن هذه القسوة قد تترك ندوبًا أيضًا. قد تجعل البعض أكثر حذرًا، أو أقل ثقة بالآخرين، أو حتى أكثر انعزالًا. هنا يبرز دور التعامل الإنساني في التخفيف من وطأة هذه القسوة، أو على الأقل، في عدم زيادتها.

اختلاف التعامل مع البشر: مرآة لقلوبنا

تتجلّى قسوة الأيام أحيانًا في كيفية تعامل البشر مع بعضهم البعض خلال الشدائد. البعض يصبح أكثر تعاطفًا وتفهمًا، يمدّ يد العون ويساند بصدق، وكأن قسوة الأيام قد صقلت قلبه وجعلته أكثر حساسية لمعاناة الآخرين. هؤلاء هم من يمثلون بصيص الأمل في الظلام، ويؤكدون أن الإنسانية لا تزال بخير.

على النقيض تمامًا، قد يزداد البعض قسوة أو أنانية في تعامله مع الآخرين عندما تشتدّ عليهم الظروف. قد يدفعه الخوف أو الشعور بالضعف إلى التمركز حول ذاته، أو قد يلجأ إلى إلقاء اللوم على الآخرين، أو حتى استغلال ضعفهم. هذا النوع من التعامل لا يزيد من قسوة الأيام فحسب، بل يضيف إليها مرارةً أخرى، ويخلق فجوة عميقة بين الأفراد.

إن الاختلاف في التعامل مع البشر يعكس بشكل كبير مستوى النضج الروحي والأخلاقي لدى كل شخص. ففي حين أن الظروف الصعبة قد تُظهر أسوأ ما في البعض، فإنها تُبرز أفضل ما في الآخرين، وتكشف عن معادنهم الأصيلة.

التعاطف والتفهم: درع ضد القسوة

إن المفتاح لتخفيف وطأة قسوة الأيام، سواء على أنفسنا أو على من حولنا، يكمن في التعاطف والتفهم. عندما ندرك أن كل إنسان يواجه معاركه الخاصة، وأن آلامه قد تكون خفية، فإننا نصبح أكثر قدرة على التعامل معه بلين ورفق.

علينا أن نتذكر دائمًا أن كلمة طيبة، أو لفتة بسيطة، أو حتى مجرد الاستماع بإنصات، قد تكون البلسم الذي يخفف من ألم شخص يمر بوقت عصيب. إن بناء جسور من التفاهم المتبادل، وتقديم الدعم غير المشروط، هو ما يصنع الفرق في عالم قد تبدو فيه القسوة طاغية أحيانًا.

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*