الجزء الثالث : مخاوف
زهيرة بن عبد المومن الجزائر
تبقى الأحزان جزءا من شريط الذكريات مهما حاولنا النسيان ،
هذا الشعور مختبئ في ثنايا الروح يترصد بنا ... ليعود لظهور مجددا ... نقاوم مرات عديدة لكن نستسلم في الاخير ولو للحظات ...فتنطفئ داخلنا احاسيس كثيرة جميلة مع كل موقف
كشمعة تحترق في ليل طويل مظلم ...
هدأت قليلا و طلبت من تلك المرأة أن تعذرني لتركي لها دون سبب لكن ماشعرت الا وانا هنا جالسة على حافة شاطئ .. فتحت دفاتر الماضي الذي اتناساها..
لا انكر انها كانت لطيفة ومتفهمة و قد وضعت يدها على كتفي
و كأنها تقولي لي قفي وواجهي تلك المخاوف التي بداخلك ... فكل منا له حكاية سطرها له القدر ..
طلبت مني ان تزورني في منزل مساءا احسن ونكمل حديثنا .. فهي لاحظت تعبي و ملامح حزن و الحيرة واضحة على محياي ..
ابتسمت لها ... و رحبت بالفكرة ...
اعتذرت هي كذلك لأنها جعلتني اعيش هذه المشاعر المتضارية ..
دونت لها عنوان ورقم هاتفي .. واتفقنا على ساعة التي تزورني بها ...
بينما كل واحدة تذهب في طريقها التفت وقلت لكن لم تقولي لي اسمك ومن تكوني .. ؟!!
قدمت لي بطاقة تحمل اسمها و عنوانها ورقم هاتفها
ليال سلامة .. خريجة كلية تجارة و لي ماركة عطور باسمي ..
تشرفت بيك سيدة ليال .. نلتقي على خير
ان شاء الله .. و ياريت تفتحي لي قلبك وتحكيلي قصتك انت و ياسر ..
عدت لمنزلي منهكة ومثقلة ... ماكنت اريد الا أن أنام اخذت حماما غيرت ملابسي .. دخلت غرفتي وستلقيت على سريري
و بمجرد وضعت راسي على مخدتي دخلت في نوم عميق ..
لكن هذا النوم ... لم يمنع مخاوفي بأن تجدني .. نعم تلاحقني .. في واقعي واحلامي ...
احسست أنني كنسمة خفيفة .. أغادر جسدي و أنتقل عبر زوايا المنزل إلى أين تاخذني تلك المخاوف كانها شخص يكلمني يريد ان يرني شيء ...
دخلت احد الغرف ... كانت صغيرة و مظلمة في اعلى منزل ...
تجمع فيها كل الأشياء التي لا تستعمل ...او اثاث قديم ..
لأول وهلة ترددت بالدخول ... لكن دخلت وبدأت اتفقد في اشياء موضوعة ... شد انتباهي
صندوق عتيق مزخرف ... غريب الشكل وضع في زاوية مظلمة
لعدة سنوات...
مكان بعيد عن النظر ...
وقفت أتأمله ومترددة
ماذا افعل الان ؟!
همست في اذني تلك مخاوف
لقد أقفلته منذ أمد وتناسته
لما لا تريد فتحه الآن؟!
ما حاجتي به؟
أخذت نفسا عميقا.... وقررت أن اكسر ذلك القفل
أخذت منشفة ومسحت ذلك الغبار المتراكم
على سطح الصندوق
ترتجف يداي... تسارعت نبضات قلبي
ولكن فعلتها أخيرا ...نظرت لداخل الصندوق
لا زالت الأشياء
مرتبة كما هي... وكأنها وضعت البارحة
ذلك العطر لم يختف من على كتبي
أغراضي الجميلة ..
بينما أقلب الأشياء
مسكت دفتر مذكراتي...
آه... تنهدت وأخذته
جلست أقلب صفحاته
انهالت علي كل تلك الذكريات
على شكل صور ...نزلت حبات الدمع
كقطرات الندى على الورق
لقد دفنت كل تلك الأحاسيس...
ما الذي جعلني أعود إليك يا مذكرتي؟!
وأخرجك من ذلك الصندوق الأسود؟!
تساالت في حيرة...
آه أنه الحب ثانية...
دق بابي ... جعلني أحن .... لحقيقتي...
لجمال أيامي.... للحظاتي...
إنه الأمل بحياة أحلى...
اشتقت لك كثير يا أنا...
كنت مجحدة في حق نفسي
بصدق ....
قاسية على هذا القلب...
سجنت روحا ....كانت تهوى الانطلاق والحرية...
مسحت ابتسامات رائعة رسمت على محياي
كنت مذنبة حقا...
لما سمحت أن أهزم من الأيام والبشر؟!
سأكتب من جديد
وأخط على أوراقك أحلى شجن...
وأضع عنوان كله أمل ...
فلعل القدر يسطر لي
مفاجأة لا تنتظر...
تكون سببا في محو تلك الكلمات
التي خطت من جراح الزمن
بينما كل هذه كلمات تجول بخاطري ومايحدث لي من صراع داخلي ...صوت قوي .. من بعيد
جعلني احس ان روحي ترجع مرة ثانية لجسدي لننصهر معا ..
و افتح عيوني ... لاجد نفسي فوق سريري وصوت القوي الذي جعلني افيق من هذا الحلم او حقيقة ام هو سحر
انه صوت جرس البيت ..
نهضت وتوجت نحو الباب لافتح لأجد ليال أمام مباشرة ...
كيف مر الوقت ... و هل نمت كل هذا الزمن ... ماذا حدث لي و ما الذي اعيشه اهي صدمة أو هروب أو مواجهة لمخاوف عادت تلاحقني ؟
مابك يا أمل .. تذكرتني انا ليال .. التلاقينا صباحا في الملتقى ...
اكيد عرفتك .. تفضلي
من تعبي نمت تعرفي اليوم كان طويل و ماحسيت الا وانت تدقين الجرس ...
استأذن منك خمس دقايق اغير ملابس وارجع ..
ولايهمك .. خذي راحتك عزيزتي
دخلت حمام غسلت وجهي ..
نظرت في مرآة قررت أن أواجه مخاوف ذكريات الماضي .. بدلت ملابسي وجهزت قهوة .. وتوجهت نحو ليال ...
يتبع ...