لعنة السلطة

حجاب حسن
0

لعنة السلطة



يتصور الكثيرون، خاصة الذين يظنون أن السلطة تقربهم إلى الله وتدخلهم الجنة، أن الامتلاك هو سبب بقائهم في الحياة، وأن جوهر النشوة هو السيطرة على المجتمعات. يخطئ من يعتقد أن امتلاك المجتمعات وسيلة لتحقيق التطلعات، أو أن التطور يأتي نتيجة السيطرة عليها.  


النظر في التاريخ يكشف أن كل من حاول فرض رأيه كانت نهايته الزوال. من أبرز وسائل السيطرة على الشعوب نشر الجهل وتقديم وعي يخدم مصالح المتسلطين، ثم زرع روح اليأس لمنع أي محاولة للتغيير. في المقابل، يسعى المخلص إلى بناء جدار الثقة داخل المجتمع، ورفع اليأس، وصولًا إلى نشر الوعي الحقيقي الذي يعزز بنية المجتمع، ثم دعم التعليم الذي يمثل طوق النجاة له.  


السلطة المطلقة تُشكل حاجزًا بين الحقيقة والخطأ، حيث يعتقد المتسلط أنه يخدم المجتمع ويحميه، بينما يعاني في الواقع من اضطرابات نفسية كجنون العظمة وحب الذات. شواهد هذه الظاهرة كثيرة عبر التاريخ، حيث تتشابه العقليات وتختلف الأزمان والأسماء.  


من أبرز الأمثلة القديمة النمرود بن كنعان، الذي رأى نفسه إلهًا يتحكم بالحياة والموت، وفرعون الذي ادعى الألوهية وظن أن رؤيته هي الحق المطلق. في التاريخ الحديث، نجد نيرون، هتلر، نابليون، صدام حسين، معمر القذافي، عمر البشير، حسني مبارك وغيرهم ممن ساروا على ذات النهج، ولا يزال المتسلطون يتوالدون إلى يومنا هذا.  


قراءة التاريخ تساعد في فهم الحاضر والعمل على المستقبل للقضاء على التسلط، وذلك عبر نشر الوعي والاهتمام بالتعليم، الذي يعد السلاح الحقيقي لمواجهة الطغيان. المجتمعات الأكثر وعيًا تعيش في تناغم مع السلطة، بينما تلك التي تعاني من القمع تكون في حالة صراع دائم، مما يؤدي إلى انهيار سياسي، اقتصادي، واجتماعي، وجعلها عرضة للانحراف الذي يهدد كيانها.


          قاسم الناير ✍🏿 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*