طيبتي سيفٌ يُطعَنُ به ظهري
خواطر الكاتب : حجاب حسن
في زمنٍ باتت فيه القلوب صخورًا، والأيادي لا تمد إلا لتجرح، أقفُ أنا، أحملُ سيفًا من طيبةٍ، درعًا من حنانٍ، أواجهُ عالمًا يرميني بسهامِ القسوةِ. أُعطي بلا حساب، أمدُ يدي بلا انتظارٍ لردٍ، أسقي ورودَ الودِّ في صحراءَ الجحود.
أرى في عيني كلِّ إنسانٍ بئرًا من نقاء، أرى في صوته لحنًا من وفاء، أُصدّقُ الابتسامةَ الزائفةَ، وأتعلقُ بالوعودِ الكاذبة. أبني جسورًا من ثقةٍ فوقَ هوةِ الخيانة، وأُشعلُ شموعَ الأملِ في عتمةِ اليأس.
لكنَّ السيفَ الذي أحملهُ، سيفُ طيبتي، يصبحُ نصلًا يُطعنُ به ظهري. الدرعُ الذي أرتديه، درعُ حناني، يتحولُ إلى سجنٍ يُقيّدُ روحي. كلُّ بذرةِ خيرٍ أزرعها، تنبتُ شوكًا يجرحُ يدي. كلُّ نسمةِ حبٍّ أبعثها، تعودُ إليَّ إعصارًا من ألم.
أتساءلُ: هل أنا المخطئُ في زمنٍ تغيرت فيه الموازين؟ هل الطيبةُ باتت ضعفًا؟ هل النقاءُ أصبحَ سذاجةً؟ هل القسوةُ هي العملةُ الوحيدةُ التي تُتداولُ في سوقِ النفوس؟
أعلمُ أنَّ الطريقَ صعبٌ، وأنَّ القلبَ المثقلَ بالجراحِ يتوقُ إلى الراحة. لكنّي لن أتخلى عن سيفي، ولن أخلعَ درعي. فمهما اشتدتْ قسوةُ الأيامِ، ومهما تعددتْ طعناتُ الغدرِ، ستبقى الطيبةُ هي نبراسي، وستظلُّ الإنسانيةُ هي غايتي. ففي نهايةِ المطافِ، سيبقى الأثرُ الطيبُ هو الباقي، وستُزهرُ الورودُ يومًا ما، حتى في صحراءِ الجحود.