التنمر: جرح خفي في نسيج مجتمعاتنا

حجاب حسن
0

كتب ميرفت شوقي صالح 



التنمر، تلك الآفة التي تنخر في صميم العلاقات الإنسانية، ليست مجرد مشاجرات عابرة أو خلافات بسيطة. إنه سلوك عدواني متكرر، يستهدف إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بشخص أضعف، مما يخلق بيئة من الخوف والقلق وعدم الأمان.

تتعدد أشكال التنمر وتتطور بتطور وسائل الاتصال. فمن التنمر الجسدي الواضح، كالضرب والدفع، إلى التنمر اللفظي الذي يترك ندوبًا عميقة في الروح، كالإهانات والسخرية والتهديدات. ومع ظهور العالم الرقمي، اتخذ التنمر شكلاً جديدًا أكثر خبثًا وانتشارًا، وهو التنمر الإلكتروني، الذي يستغل منصات التواصل الاجتماعي والرسائل النصية لإيذاء الضحايا على نطاق واسع وفي أي وقت.

إن لظاهرة التنمر آثارًا مدمرة على الضحايا. فهم يعانون من تدني احترام الذات، والشعور بالعزلة والاكتئاب، وقد يتطور الأمر إلى مشاكل نفسية أكثر خطورة. كما يؤثر التنمر سلبًا على الأداء الدراسي والاجتماعي للضحايا، ويجعلهم يعيشون في خوف دائم.

لا يقتصر تأثير التنمر على الضحايا فحسب، بل يمتد ليشمل المتنمرين أنفسهم والمجتمع ككل. فالمتنمر غالبًا ما يعاني من مشاكل سلوكية ونفسية، وقد يجد صعوبة في تكوين علاقات صحية في المستقبل. أما المجتمع، فيفقد قيم التسامح والتعاون والاحترام المتبادل عندما ينتشر فيه التنمر.

إن مكافحة التنمر مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الأفراد والأسر والمؤسسات التعليمية والمجتمع بأكمله. تبدأ الوقاية بتعزيز الوعي بمخاطر التنمر وأشكاله المختلفة، وغرس قيم الاحترام والتعاطف والتسامح في نفوس الأجيال الناشئة. كما يجب توفير بيئات آمنة وداعمة للأفراد، وتشجيعهم على الإبلاغ عن حالات التنمر وتقديم الدعم للضحايا.

إن بناء مجتمع خالٍ من التنمر ليس مجرد أمنية، بل هو ضرورة حتمية لضمان نمو سليم لأفرادنا وتعزيز تماسك مجتمعاتنا. بالتوعية والتعليم والدعم، نستطيع أن نحول بيئاتنا إلى فضاءات آمنة ومحترمة للجميع.


Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*