كلمات : هلاله مخلوف
حبة رمل،
تُخبئ بين طياتها،
حلم الطفولة.
كم في هذه الكلمات القليلة من سحرٍ غامض! إنها ليست مجرد حروف، بل هي نافذة تطل على عالم من البراءة والدهشة، عالم تتسع فيه ذرات الوجود لتحمل أثمن ما في القلوب.
تخيل معي حبة رمل صغيرة، تتلألأ تحت أشعة الشمس، لا تكاد تُرى بالعين المجردة. إنها جزء لا يتجزأ من شاطئ مترامٍ الأطراف، أو صحراء شاسعة. ولكن هل فكرنا يومًا أن هذه الحبة المتواضعة قد تكون مستودعًا لأعظم الأحلام؟ حلم الطفولة، هذا النبع الصافي الذي لا ينضب، والذي يحمل في طياته ألوان قوس قزح، وصوت ضحكات لا تتوقف، ورائحة خبز الجدة الدافئ.
حلم الطفولة يتجسد في تلك الرغبة العفوية في اكتشاف المجهول، في بناء قصور من الرمال تتحدى أمواج البحر، في مطاردة الفراشات الملونة دون خوف من السقوط. إنه ذلك الإيمان المطلق بأن كل شيء ممكن، وأن العالم بأسره ينتظر أن يُكشف عنه.
ولكن، كيف لحبة رمل أن تحتفظ بكل هذا؟ ربما لأنها ترمز إلى البساطة الخالصة، إلى الجوهر النقي الذي لا يتلوث بتعقيدات الحياة. إنها تذكرنا بأن أحلامنا الأولى، تلك التي وُلدت معنا، لا تزال كامنة في أعماقنا، تنتظر أن نُعيد اكتشافها، أن ننفض عنها غبار النسيان.
قد نكبر وتتغير أولوياتنا، وقد تُجرفنا تيارات الحياة بعيدًا عن شواطئ الطفولة، لكن تلك "الحبة" الصغيرة، التي تحتفظ بوميض الحلم القديم، تظل شاهدة على أصلنا النقي. إنها دعوة للعودة إلى الذات، إلى ذلك الطفل الذي ما زال يخبئ بين طياته عالمًا كاملاً من الإمكانات والبهجة.
فلنحتفظ بهذه "الحبة" الثمينة، ولنتذكر دائمًا أن أحلام الطفولة، مهما صغرت، هي البذور التي تنمو لتصبح أشجارًا باسقة تُظلل حياتنا بمعنى وجمال.