بقلم : ميرفت شوقي صالح
يبرز التجاهل كقوة صامتة، ولكنه في بعض الأحيان أبلغ من ألف كلمة. إنه شكل من أشكال التواصل يحمل في طياته رسائل عميقة، قد تكون جارحة أو حاسمة، حسب السياق والنية.
كيف يمكن للتجاهل أن يكون شكلاً قوياً من أشكال التواصل؟
إعلان عن الحدود: عندما يتجاهل شخص ما محاولات الآخرين للتواصل أو التفاعل، فإنه بذلك يرسم حدوداً واضحة. يقول بصمت: "هذا المجال مغلق"، أو "لن أنخرط في هذا النوع من التفاعل". في العلاقات الشخصية أو حتى في التعاملات الرسمية، يمكن للتجاهل أن يكون وسيلة لحماية الذات أو لإرساء قواعد جديدة للتفاعل.
التعبير عن الاستياء أو الرفض: التجاهل قد يكون تعبيراً قوياً عن عدم الرضا أو الرفض. بدلاً من الدخول في نقاش أو مواجهة، يختار الشخص الانسحاب والتوقف عن الاعتراف بوجود الطرف الآخر أو بأفعاله. هذا الصمت المدوي يمكن أن يكون أكثر إيلاماً من الكلمات الحادة، لأنه يحمل معنى الإقصاء وعدم الأهمية.
فرض السيطرة أو النفوذ: في بعض الحالات، يُستخدم التجاهل كأداة للضغط أو للتأثير. من خلال حجب الانتباه أو الاستجابة، يمكن للشخص المتجاهل أن يجعل الطرف الآخر يشعر بعدم الارتياح أو بالقلق، مما قد يدفعه إلى تغيير سلوكه أو تقديم تنازلات.
إنهاء التواصل بشكل غير مباشر: بدلاً من المواجهة الصريحة لإنهاء علاقة أو موقف، قد يلجأ البعض إلى التجاهل التدريجي. هذا الانسحاب الصامت يهدف إلى إيصال رسالة النهاية دون الحاجة إلى كلمات قد تكون مؤلمة أو محرجة.
ولكن، من المهم أن نتذكر أن قوة التجاهل كسلاح ذو حدين:
يمكن أن يكون مؤذياً ومدمراً: عندما يُستخدم التجاهل بإيذاء أو بقسوة، يمكن أن يترك آثاراً نفسية عميقة على الطرف المتجاهل، مثل الشعور بالوحدة، والإحباط، وانعدام القيمة.
يحتاج إلى سياق وفهم: معنى التجاهل يعتمد بشكل كبير على السياق والعلاقة بين الأطراف. ما قد يُفهم كتجاهل متعمد في موقف ما، قد يكون ببساطة انشغالاً أو عدم انتباه في موقف آخر.