كلمات ميرفت شوقي صالح
جبر الخواطر: بلسم الروح وسمو الأخلاق
في خضم الحياة وتقلباتها، حيث تعصف بنا رياح الأحزان وتثقل كاهلنا الهموم، يبرز فعل نبيل سامٍ يرتقي بالإنسانية ويضيء لنا دروب العزاء، ألا وهو "جبر الخواطر". إنه ليس مجرد كلمة عابرة، بل هو سلوك قويم، وخلق رفيع، وفن إنساني يلامس القلوب ويحيي الآمال.
جبر الخواطر يعني تطييب النفوس المنكسرة، ومواساة القلوب الحزينة، والوقوف بجانب الضعفاء والمحتاجين بكلمة طيبة، أو فعل حسن، أو حتى بابتسامة صادقة. إنه إدراك عميق لآلام الآخرين ومحاولة صادقة للتخفيف منها، دون انتظار مقابل أو ابتغاء مصلحة.
تتجلى صور جبر الخواطر في أبهى معانيها في تفاصيل حياتنا اليومية. فقد يكون جبر الخاطر بزيارة مريض أضناه الوجع، أو الإصغاء إلى صديق تثقله الهموم، أو مساعدة محتاج أعوزه الزاد، أو حتى التغاضي عن زلة عابر سبيل. إنها تلك اللمسات الإنسانية الرقيقة التي تترك أثراً عميقاً في النفوس وتزرع بذور الأمل والتفاؤل.
لا يقتصر أثر جبر الخواطر على المتلقي فحسب، بل يمتد ليطال فاعله أيضاً. فعندما نسعى لجبر خاطر إنسان، نشعر بنشوة العطاء ولذة الإحساس بالآخر. يترسخ فينا شعور بالرضا الداخلي والسكينة الروحية، ويزداد إيماننا بقيمة الإنسانية وأهمية التكافل الاجتماعي.
إن مجتمعاً تسوده قيم جبر الخواطر هو مجتمع قوي متماسك، تسوده المحبة والتآلف، ويقل فيه الشعور بالوحدة والعزلة. إنه مجتمع قادر على تجاوز الصعاب والتحديات بروح едиة وتعاون مثمر.
فلنجعل من جبر الخواطر جزءاً أصيلاً من سلوكنا اليومي، ولنتفنن في إيجاد الطرق والوسائل التي نستطيع بها أن نرسم بسمة على وجه مهموم، أو نمسح دمعة من عين حزينة، أو نزرع أملاً في قلب يائس. فبجبرنا لخواطر الآخرين، نجبر خواطرنا ونرتقي بأنفسنا ومجتمعنا نحو الأفضل.
إن جبر الخواطر ليس مجرد فعل عابر، بل هو استثمار حقيقي في أرواح الآخرين وفي سعادتنا وسلامنا الداخلي. فلنكن جميعاً ممن يجبرون الخواطر ويزرعون الأمل في دروب الحياة.