الاستاذ..يفقد أمه ويعيش بين إخوته هو الطفل الوسطي يتدحرج

حجاب حسن
0


..


 بين ما ترك الكبار من مسؤوليات ويطيع اوامرهم ويعطف على الصغار ويرعى خواطرهم ..بين الزروع والسواقي والقطيع يرتاع واليتم يسكنه والفقر يهدد مستقبله لحل طارئ رآه أباه فمنحه دور السارح..مصطلح جزائري معناه رعي الغنم وتحتم الأمر إلى أن يمزق محفظته ليتلف حلمه ويصرفه عن الدراسة 

فالحال قد الحال وتلك الام التي كانت تصنع الأواني الفخارية وتبيعها ويعيش منها أولادها ماتت فعلى هذا الطفل أن يقود الطريق ويخوض معركة الفقر في زمن لا يرحم طفلا ولا يتيما ولا ضعيفا...

وماذا عنه فهو يحب التعليم ويتعلق قلبه باسوار المدارس أين يرى ابناء اعمامه يدرسون وهو يسرح بغنمه وفي قلبه كمة افكار واحلام لا تحقق الا بصفوف الأقسام

فيشتري له ابن عمه محفظة ويترك غنمه لابنة عمه عائشة ليعود مساء وياخد عنها الدورية ويلتحق بالصفوف حافي الرجلين كيف لا وهو يرجع لمبتغاه وياخد اكبر علامة في ذاك الفصل بمحفظة كان يخفيها في التبن خشية ان يراها أبيه ويتغلب على غطرسة الفقر..ويواصل إلى أن ينجح في الباكالوريا وهو الذي كان يكفكف وتصطك أسنانه من قر البرد في تلك المنطقة النائية فيتعطف عليه استاذ الانجليزية ليسلمه جوربه في الخفاء فيستدفئ به اكبر دفء بل دفء الحياة فلا يزال يتذكر لون الجواب وحنان الاستاذ الذي تفوق في حصته لأكبر علامة لم يكن يتخيلها هو الذي كان لايعرف حرفا من تلك اللغة الغريبة فصنع حنان الاستاذ الأجوبة الخارقة..

نجح وعاد ليخبر اهل بيته بالخبر فرحت الضيعة وفرحت الطماطم والبطاطس كانت له بها عشرة فكم عمل بين شتلاتها ليطرد الفقر وكم من مرة لم ينل من عمله فيها اجرا ..سارع ابيه على ظهر حماره متجه إلى ضفة أخرى ليبيت فيها كي لا يرى وجه ابنه الناجح ليس كرها وانما حياء..فهو الذي منعه ذات يوم من العلم وفي المنع عطاء.. فنداه يا سيدي نجحت فرد الاب يكفف دمعه وانا بكيت ..حتى المنع منح قد ترك إخوته يدرسون ولم ينجحوا وكل ممنوع مرغوب هو الذي مزقت محفظته وسلمت مسؤولية الغنم والفلاحة على عاتقه وهو صغيرا..هاهو قد كبر وكبرت غايته ...قدمت قدميه الحافيتين سعيا طيبا..وواصل دراسته ليتخرج أستاذا في نفس المدرسة التي مشت على ساحتها قدميه ليعانك اطفالا فقراء مثله..ويصل إلى أن يصبح أستاذا في الثانوية المجاورة ..ويرسم لنا بحياته أجمل صورة فنحن الاساتذة قد نعيش فترات تشبه حياة الأنبياء.. من آدم الذي بكى على الجنة وابتلي بهابيل وقابيل  

وبيعقوب الذي ابيضت عيناه وهو يبكي يوسف..وبيونس وهو مغموم مهموم في بطن الحوت وبداوود والسفينة وقل من صدقه وإبراهيم وغلظة حكم أهله وهم يلقونه في النار وبعيسى وأمه وبمحمد اليتيم وغنمه وأميته وجهل قريش وكثرة أيذايتهم...

وفي قصصهم جودة الحكمة لو نعرف.. وما الحياة الدنيا إلا متاع الا من أتى الله عازما على ترك علما نافعا يبقى اثره ولو مات..

فلكل واحد منا بابين في السماء تسقط ورقتنا وتسد باب الرزق ويبقى باب العمل مفتوحا للصدقات الجارية وهذا رحمة بنا

وان كتبت اليوم هذه السطور عن سيرة هذا الاستاذ ليعلم جيل الحاضر كيف وصل السلف بلا مصروف بلا رعاية بلا أم بلا بداية والفقر يمزق قلوب الرجاء ويسد كل الطرق بلا رحمة لكن الثقة بالله نعمة يصل صاحبها

إلى أعلى قمة وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..؟؟؟!!

بقلمي

ليلى قوال Leila Goual الجزائر 🇩🇿 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*