همسات الروح. /بقلم انتصارالحسين

حجاب حسن
0

همسات الروح.    

                            /بقلم انتصارالحسين 



تتراقص الأفكار في أروقة الروح كأطيافٍ تبحث عن ذاتها الضائعة بين زوايا الحياة. هناك، في لحظةٍ نقية كصفاء السماء عند الفجر، رأيتُها... رأيتُني. كنتُ أنا، لكنني مختلفة، كفراشة خرجت لتوّها من شرنقتها، متحررة من قيودٍ أثقلت جناحيها لسنوات طويلة. أدركتُ حينها أن التحرر من الأوهام والظنون التي قيدتنا هو الجمال الحقيقي الذي كنا نبحث عنه دون أن ندري.


شعرتُ بخفةٍ تسري في أعماقي، كأن روحي تتنفس لأول مرة، وكأن هذه الخفة هي أولى خطواتي نحو سلامٍ داخلي طال انتظاره. سحبتُ نفساً عميقاً، ملأتُ به صدري كأنني أستنشق الحياة لأول مرة. رفعتُ رأسي نحو السماء الممتدة بلا نهاية، حيث السحب تسبح في بحرٍ أزرق لا حدود له. ضحكتُ... ضحكةً صادقة خرجت من أعماق قلبي، كانت أشبه بنغمةٍ موسيقية غابت عني لسنوات وعادت لتوقظ إحساساً بالحياة.


سمعتُ تلك الضحكة كأنها صوت صديقة قديمة طال غيابها، لكنها عادت لتعلن بداية عهد جديد. عهد ليس مجرد وعد عابر؛ إنه اتفاق مقدس مع نفسي. سأصنع السعادة بيدي، سأغزلها من خيوط التفاصيل الصغيرة التي أعيشها كل يوم. لن أنتظر أن تهبني الحياة فرحةً عابرة أو أن يمنحني أحدٌ لحظة رضا. إنها نفسي... نفسي التي سأدللها وأحتضنها كما لم أفعل من قبل.


لطالما كانت سعادتي مرتبطة برضا الآخرين، كنتُ أظن أنني حارسة أحلامهم ومسؤولة عن سعادتهم. بذلتُ جهدي ليصلوا إلى أهدافهم، لكن حين وصلوا، وجدتُ نفسي خارج دائرة أولوياتهم. ومع ذلك، لا أندم على الخير الذي قدمته أو على نيتي الصافية التي كانت تنبع من قلبٍ محب.


لكن الآن... الآن حان الوقت لأمنح نفسي الحب الذي تستحقه والاهتمام الذي طالما أهملته. سأكون لنفسي الصديقة والرفيقة والمأوى الآمن الذي طالما بحثت عنه. إنها تستحق كل الحب وكل الرعاية... إنها أنا. 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*