شيماء حسين/العراق
في عالمٍ يضجّ بالضوضاء، ويُثقل كاهل الإنسان بكمٍّ هائل من الضغوطات والتوقعات، يصبح من السهل على البعض أن يتقمصوا أدوارًا لا تليق بكرامتهم، ولا تعبّر عن حقيقتهم. أحد أكثر هذه الأدوار التي يُجبر البعض على لعبها، عن وعي أو دون وعي، هو دور "المهرّج"؛ ذاك الذي يُضحك الجميع، يتصنّع السعادة، ويخفي ألمه خلف قناع الابتسامة.لكن، تمهّل قليلًا.
أنت لست مهرّجًا... أنت إنسان.
الوجه الآخر للابتسامة حين تصبح قناعًا دائمًا، تُخفي خلفها الحزن والتعب والانكسار، فإنها تتحول إلى عبء ثقيل. المهرّج في السيرك يضحك الناس، يقفز ويتهرّج، لكنه في النهاية شخصية يؤدي دورًا، ومتى ما انتهى العرض، خلع قناعه وعاد إلى حقيقته الكثير من الناس اليوم يعيشون داخل "عرض مسرحي" دائم، يجبرهم على التمثيل، ويمنعهم من التعبير عن ألمهم. يظهرون في مجالس الأصدقاء وكأنهم لا يعانون من شيء، ويتصنّعون الفكاهة لتخفيف التوتر العام، في الوقت الذي تنزف فيه أرواحهم بصمت وقد يختار الإنسان هذا الدور بدافع الحب، أو الخوف من الإحراج، أو الرغبة في إرضاء الآخرين. يضحك حتى لا يُسأل عن ألمه، يمازح حتى لا يُظهر ضعفه، يتجاهل جراحه لأن المجتمع يُمجّد "القوي" و"المُبتهج" وربما كان المهرج هو "الناجي الوحيد" في بيئة قاسية، فبقي متقمصًا ذلك الدور حتى كبر ونسي كيف يكون على طبيعته لا تخجل من إنسانيتك أن تكون إنسانًا يعني أن تكون متقلب المشاعر، تضحك حين تفرح، وتبكي حين تحزن. لا يوجد إنسان قوي طوال الوقت، ولا عيب في أن تُظهر ضعفك. التظاهر بالقوة طوال الوقت يُتعب الروح ويستنزف الطاقة إن الاعتراف بالمشاعر ليس عيبًا، بل شجاعة. الشجاعة أن تقول: "أنا متعب"، "أنا حزين"، "أحتاج إلى دعم". لا تجعل من نفسك وسادة لراحة الآخرين بينما أنت لا تجد من يُواسيك كُن صادقًا مع نفسك التصالح مع الذات يبدأ حين تعترف بأنك لست مضطرًا لأن تُسعد الجميع. لست مضطرًا لأن تكون فكاهيًا في كل محفل. من حقك أن تكون صامتًا، متأملًا، باحثًا عن نفسك. من حقك أن تعتذر عن حضور مناسبة لأنك مرهق، ومن حقك أن تختار من تُشاركهم تفاصيلك دون خوف من أن يُساء فهمك وفي حياتك، ابحث عن من يمنحك الأمان لتكون على طبيعتك. من لا يضحك على حزنك، ولا يستخف بمشاعرك. اختر القلوب التي تتسع لك في فرحك وحزنك، لا أولئك الذين لا يقدّرونك إلا وأنت تؤدي دورًا يُرضيهم لا تجعل من نفسك وسيلة لتسلية الآخرين وأنت تتفتت من الداخل. لا تُضحك العالم على حساب كرامتك. لا تتصنّع المثالية لأن الناس لا يقبلون ضعفك. دعهم يعرفونك كما أنت، بعيوبك، بشعورك، بألمك، وبابتسامتك الصادقة.