"زواج القاصرات جريمة في حق البنت والمجتمع"
فى الأسبوع الثقافي بمسجد الفتح بالناصرية
لؤاالصباغ-أسيوط
بتوجيهات كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري وزير الأوقاف، وبرعاية السيد الدكتور محمود سعد شاهين وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، وإشراف فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف محمود مدير عام الدعوة والمراكز الثقافية بالمديرية، شهد مسجد الفتح بالناصرية وذلك يوم الاثنين الموافق 7 أبريل 2025، انطلاق فعاليات اليوم الثاني من الأسبوع الثقافي تحت عنوان "زواج القاصرات جريمة في حق البنت والمجتمع".
وقد استهل الأستاذ الدكتور عبد الفتاح بهيج عبد الدايم العواري - عميد كلية الشريعة والقانون بأسيوط - كلمته القيمة، بتأكيده أن الإسلام دين الرحمة والعدل، جاء لصيانة الحقوق، وحفظ الأنفس، وتكريم المرأة، لا لإهدار إنسانيتها أو الانتقاص من كرامتها. وأشار إلى أن زواج القاصرات يُعد تعدياً صريحاً على طفولة البنت، وإجهاضاً لحقوقها الطبيعية التي كفلتها الشريعة الإسلامية قبل المواثيق الدولية، بل يتنافى مع مقاصد الزواج نفسه، التي تقوم على السكن والمودة والرحمة، وهي مقاصد لا تتحقق إلا مع النضج العقلي والنفسي والجسدي للطرفين.
وأضاف فضيلته أن زواج الفتاة قبل بلوغها السن القانونية هو ظلم بيّن، وظاهرة خطيرة تهدد أمن الأسرة والمجتمع، حيث تنتج عنه مشاكل اجتماعية وصحية ونفسية جسيمة، مشيرًا إلى أن من مقاصد الشريعة تحقيق مصلحة الإنسان ودفع الضرر عنه، واستشهد بقوله تعالى:
﴿وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأنعام: 151]
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، مؤكدًا أن هذا الحديث أصل عظيم في الشريعة يمنع كل ما يؤدي إلى الضرر، لا سيما الضرر الذي يقع على القاصرات من هذا الزواج.
وشدد الدكتور عبد الفتاح بهيج على أن الشريعة الإسلامية لم تُحدد سناً بعينها للزواج، لكنها اشترطت التمييز والنضج والقدرة على تحمل المسؤولية، وهو ما لا يتوافر في الفتاة القاصرة، مما يجعل الزواج منها جريمة أخلاقية ومجتمعية، قبل أن تكون مخالفة قانونية. كما نوه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزوج بناته إلا بعد بلوغهن واكتمال رشدهن، وهذا منهج نبوي ينبغي أن يُتبع، لا أن يُخالف.
وتحدث عن الآثار السلبية البالغة المترتبة على زواج القاصرات، من ارتفاع معدلات الطلاق، والتفكك الأسري، وحرمان الفتاة من التعليم والتمكين، بل وإعاقة نهضة المجتمع، حيث أن المرأة نصف المجتمع وتربي النصف الآخر، فإن تم إضعافها أو استغلالها في سن مبكرة، أُضعف المجتمع بأسره.
وفي ختام كلمته، وجّه فضيلته نداءً لأولياء الأمور، بأن يتقوا الله في بناتهم، وألا يكونوا سبباً في تدمير مستقبلهن من أجل تقاليد بالية أو مصالح مادية، داعياً إلى نشر الوعي المجتمعي، وتضافر الجهود بين المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية لمواجهة هذه الظاهرة التي تهدد أمن الأسرة واستقرار الوطن.
وقد لاقت الكلمة صدى طيبًا بين الحاضرين، الذين أثنوا على الطرح العلمي المتزن والمستنير، الذي يربط بين النصوص الشرعية والمقاصد الإنسانية، ويؤكد أن الإسلام بريء من كل ممارسة تضر بالمرأة أو تسيء إلى كرامتها.
ويستمر الأسبوع الثقافي في تقديم فعالياته المتنوعة التي تهدف إلى بناء وعي ديني وإنساني سليم لدى أفراد المجتمع، تحقيقًا لتوجيهات القيادة الدينية الرشيدة، وبما يخدم مصالح الوطن ويصون مستقبل الأجيال.