مقال عن استغلال النفوذ:
بقلم :حجاب حسن
استغلال النفوذ: آفة تهدد العدالة والمجتمع
يُعدّ استغلال النفوذ من أخطر الآفات التي تُنخر في جسد المجتمعات، وتقوض أسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص. هو ببساطة يعني استخدام السلطة أو المنصب أو العلاقات الشخصية لتحقيق مكاسب غير مستحقة أو امتيازات خاصة، سواء كانت مادية أو معنوية، على حساب الآخرين أو على حساب المصلحة العامة.
يتخذ استغلال النفوذ أشكالًا متعددة، بدءًا من التوصيات والمحسوبية في التوظيف والترقيات، مرورًا بتسهيل الإجراءات الحكومية بشكل غير قانوني، وصولًا إلى التلاعب بالعقود والمشاريع الكبرى لتحقيق أرباح شخصية أو لفئة معينة. قد يظهر أيضًا في صورة التغاضي عن مخالفات المقربين أو حمايتهم من المساءلة القانونية، أو حتى في استغلال المعلومات الداخلية لتحقيق مكاسب في الأسواق.
تكمن خطورة استغلال النفوذ في تأثيراته المدمرة على مختلف الأصعدة. على الصعيد الاقتصادي، يؤدي إلى تشويه المنافسة، وإعاقة النمو الحقيقي، وتوزيع غير عادل للثروات، مما يخلق بيئة طاردة للاستثمارات النزيهة ويؤدي إلى تفشي الفساد. أما على الصعيد الاجتماعي، فيزرع بذور الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع، ويقوض الثقة في المؤسسات والقائمين عليها، ويخلق حالة من الإحباط واليأس لدى الكفاءات التي لا تجد فرصتها بسبب المحسوبية والواسطة.
وعلى الصعيد السياسي والقانوني، يُضعف استغلال النفوذ من سيادة القانون، ويُعيق تحقيق العدالة، ويُفقد المواطنين الثقة في نزاهة العملية السياسية والقضائية. عندما يشعر الناس بأن هناك فئة فوق القانون أو قادرة على التلاعب به لمصالحها الخاصة، فإن ذلك يقوض أسس الدولة المدنية الحديثة.
إن مكافحة استغلال النفوذ تتطلب تضافر جهود مختلف الأطراف في المجتمع. تبدأ المسؤولية من الأفراد أنفسهم برفض أي شكل من أشكال الاستغلال وعدم التورط فيه. كما تقع على عاتق المؤسسات الحكومية والقضائية مسؤولية تطوير آليات واضحة وشفافة للعمل، وتطبيق القانون على الجميع دون استثناء، وتفعيل دور الرقابة والمحاسبة بشكل فعال.
تلعب وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني دورًا حيويًا في فضح حالات استغلال النفوذ وزيادة الوعي العام بمخاطره. كما أن تعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة في المناهج التعليمية والثقافة العامة يساهم في بناء جيل يرفض هذه الممارسات ويؤمن بأهمية العدالة والمساواة.
في
