بقلم أشرف ماهر ضلع
في عالم الإعلام والسياسة والفن، يتقن البعض فن التلون كأنهم يرتدون أقنعة لا تسقط إلا خلف الكواليس. يبتسمون أمام الكاميرات، يثنون على زملائهم أو خصومهم، يرسلون عبارات الإعجاب والتقدير، بينما في الغرف المغلقة تنطلق الألسنة بالسخرية والتجريح، وكأن ما قيل أمام العلن لم يكن سوى مسرحية هزلية.
أصبحت هذه الظاهرة جزءًا من المشهد العام، حيث يظهر شخصٌ ما في صورة فوتوغرافية بجانب شخصية أخرى مبتسمًا، بينما يسخر منها أو ينتقدها في أحاديثه الخاصة. هذه الازدواجية لم تعد خافية على أحد، بل صارت مكشوفة بفعل التسريبات والمواقف المتناقضة التي يفضحها الإعلام الحديث.
أمثلة صارخة للنفاق
كم مرة رأينا سياسيين يتصافحون أمام الكاميرات ثم تتسرب تسجيلات لهم وهم يصفون بعضهم بأقذع الأوصاف؟ أو فنانين يمتدحون زملاءهم في لقاء تلفزيوني، بينما يسخرون منهم في حديث جانبي؟ بل حتى في عالم الرياضة، نسمع عن مدربين أو لاعبين يتبادلون الإعجاب علنًا، لكنهم في الواقع يحتقرون بعضهم البعض.
أسباب الظاهرة
قد يكون السبب هو الخوف من المواجهة، أو الرغبة في كسب الجميع وعدم فقدان أي طرف. كما أن بعض الشخصيات العامة تتعامل مع المجاملات كاستراتيجية للبقاء في المشهد، حيث تفضل إظهار الود حتى مع من لا تحترمهم حقًا، خشية أن تخسر مكانتها أو شعبيتها.
النفاق في عصر السوشيال ميديا
باتت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة مفتوحة لكشف هذا التناقض، حيث ينتقل الشخص من المدح العلني إلى السخرية في محادثات خاصة، لتفضحه لاحقًا تسجيلات أو منشورات قديمة. وبينما يظن البعض أنهم يستطيعون الاستمرار في هذا الأسلوب دون انكشاف، إلا أن الزمن والإعلام كفيلان بفضح كل متناقض.
في النهاية، تبقى المصداقية عملة نادرة في عالم الشخصيات العامة، ومن الصعب أن يستمر الإنسان بوجهين دون أن ينكشف يومًا ما.