الزمن غير زماننا ..
بقلم أ زهيرة بن عبد المومن
تغير البشر تغير البشر كثيرا نعيش في صدمة مما يحدث
في هذا الزمان الغريب عنا ... و عن انسانيتنا ... مبادئنا ... أخلاقنا... وكل ماتعلمناه في بيوتنا البسيطة من محبة واحترام وتقدير للآخرين ...
كل تلك الأساسيات التي نهلنها بشغف أثناء رحلة الحياة ...
كل تلك الأولويات التي ظل آباءنا و اقاربنا و معلمينا والأكبر منا يغرسوها بداخلنا كما تغرس البدرة الصالحة لتنمو و تتطور و تتثمر ..
تعلمنا اهم واجباتنا نحو الآخرين ..حقوقنا التي نطالب بيها بكل احترام وذكاء و بالقانون ..
عشنا ونحن نستمتع ونتعلم و نفخر بكل تلك الأساسيات الإنسانية والاخلاقية التي تبني علاقاتنا ونحرص على تطبيقها بمحبة واقتناع لانها صلاح لنا و للأفراد و المجتمع و الوطن ..
و لكن بعد احتكاكنا بالافراد و اطلاعنا على واقعنا المؤلم و جدنا أنفسنا غرباء عن هذا العالم ... وجدنا عكس ما عرفناه ...
فلا صديق صديق كما عهدنا الصداقة تجده على اتفه الأمور او اي موقف ... متخلي عنك حتى لا يترك لك مجال للحوار او التفاهم .. يغتنم الفرص ليقول لك وداعا
فاين الصداقة هنا ؟! أن لم تصبر على صديقك و تتحمله في لحظة غضب في موقف ضعف .. لتبسم في وجهه لتعيد له الثقة لتقول له انا سندك .. تمسك بيدي ستتجاوز ..
لماذا نتصيد الأخطاء لتكون سببا لخلق الخلافات للابتعاد ..
و ننسى كل شيء جميل .. كل تلك التضحيات والذكريات والسنوات والعمر .. كل تلك المحبة تتلاشى و نقفل الحوار بكلمة انت تغيرت ... انت مخطئ اليس الخطئ يصلح اليس هناك سبل للتفاهم و المناقشة.. اليس التجاوز احسن حل لنحافظ على العشرة ... التسامح فضيلة وكرم ...
هنا تكتشف انك لوحدك مغيب ..و انك كنت طوال حياتك تعيش كذبة اسمها صداقة فهي وهم و سراب ..
لان الصداقة الحقيقية لن تفرقها .. ثرهات ولا اختلافات في آراء ولا حتى نقاشات ولا ظروف
و لنفترض ان صديقي اخطئ فالنسعى معا لتجاوز هذا الخطئ ونلتمس له الأعذار ونخفف عنه ونجبر الخاطر و نضحي من أجله لو بقليل من تفهم او تجاوز ...
او الاعتذار ان اخطأ في حقك فلن ينقص منه شيء ليحافظ على صداقتك أن كانت حقيقية فلن تقف كل هذه المبررات واهمة في وجه تلك العلاقة ... والعكس
و لم تعد العائلة عائلة مترابطة .. فرقت بين افراد عائلة الواحدة .. كثير من العوامل سواء اجتماعية او اقتصادية ..
اصبح الاولياء يهملون كثيرا امورا اساسية في تربية الاولاد
اولاها الوازع الديني من نصائح و توجيهات و توعية واستدلال بكل ماجاء في ديننا الحنيف من مبادئ اخلاقية سامية تخلق جيلا سليما نافعا متحضرا ...
و في زخم الحياة و ضغوطاتها قل الاهتمام بحاجات الاولاد النفسية المهمة لبناء شخصية سوية قوية و فعالة في المجتمع
و التركيز فقط على كيفية تلبية حاجات مادية كالاكل و اللبس ... أصبح أولياء لا يراقبون أولادهم ..
تأثير وسائل الاتصال على علاقاتنا و زرع بيننا فجوة من لا مبالات و تحطم القيم الاسرية و تفكك الاسري الذي له الاثر الاكبر في ضياع الاولاد ...
حتى في عملك تجد زملاءك ليسوا على قدر من الوعي للمسؤولية مهامهم ... لا تجد ذلك الالتزام لقواعد العمل لا جدية ولا الاتقان و تسود الاتكالية و الخمول .. لا تجد فكرا يسعى للتطوير تقديم اقتراحات تنظيمية .. يسود فقط فكر مستهلك و روتين يسهل لهم انجاز اي شيء ...وباي طريقة ...
وتكثر المبررات لاي خطئ او تقاعص لتملص من واجبات و يكثر النفاق الاجتماعي و كل يسعى ليحقق نجاح بالكلام والتصنع و المجاملات ... ليتم وأذ كل سبل الإنتاجية في العمل
و كثر المتسلقون على اكتاف الأشخاص الأوفياء المخلصين و ناجحين في عملهم ليستغلوا هذه طاقات لصالحهم وتذهب جهودهم لهم
لتجد نفسك في الاخير طرف متفرج ومنصدم لما يحدث من عدم تقدير او تحصيل للحقوق ... في حين غيرك يحصد كل شيء ...
فلم يعد الواقع واقعا ... ولا عهود عهودا... ولا كلمة كلمة ... ولا بشر بشرا ... ولا علاقات علاقات صادقة وحقيقية مهما كانت طبيعتها ...
حتى المشاعر الحقيقية اصبحت منقرضة فالمحبة صارت بالمزاد تحكم بمصالح ... تتبخر بمجرد انتهاء صلاحيتها ...
لم يعد الإنسان يقدر كل تلك الأحاسيس تتلاشى لأي موقف لأي خلاف ... هشة تذرفها اي رياح عابرة ...
لقد أصبحنا فعلا غرباء في وسط لا يشبهننا ...
مسافرين عبر الة زمن من عالم جميل صادق نقي إلى عصر يسوده سواد القلوب و العقول و صلابة الحجر فلا تنتظر رحمة او غفران او تسامح او عهد انها مبادئ منقرضة من زمن ...
علينا أن ننقد ماتبقى من العمر ...في العيش بسلام بعيد عن ضجيج الحياة الصاخب بتناقضات غير مفهومة ..
لعلنا نجد سكينة والسلام الداخلي .. لنحافظ على اعزاءنا على تلك القلة التي تشبهنا و نتخلى عن كل من لايطابق افكارنا و سلوكنا و نتشبت بحبل اليقين أن دام هناك بصيص أمل في غذ احسن ...
لنعكس ذلك الجمال الداخلي بحسن المعاملة والتفهم و المسامحة والمحبة الصادقة .. ...