الحديقة المحرمة

حجاب حسن
0

الحديقة المحرمة 



في سلطنه قديمةٍ تحيط بها الجبال، 

حكمها سلطان.. ظنَّ أنه قادرٌ على التحكم حتى في أفكار رعاياه. كان شعاره: 

لا صوت يعلو فوق صوت النظام!. 

وفي يومٍ من الأيام، 

سمع أن بعض الفلاسفة والمفكرين بدأوا يناقشون أفكارًا جديدة عن الحرية والعدالة، فقرر أن يمنع أي حديثٍ خارجٍ عن تعاليم السلطنه الرسمية.  


أصدر السلطان مرسوماً بمنع الكلام عن الحرية، 

العدل،

 أو أي فلسفة جديدة،

 وأغلق المدارس التي تدرس الفكر النقدي، وسجن كل من يعارض النظام. 

لكن المفاجأة كانت أن الأفكار لم تمت،

 بل تحولت إلى همسات في الأزقة، ورسومات خفية على الجدران، 

وكتب سرية تنتقل تحت عباءات الظلام.    

في أحد الأحياء الفقيرة، 

عاش صبيٌ يُدعى ياسر،

 كان والده أحد المعلمين المسجونين بسبب تدريسه تاريخ الشعوب القديمة.

 ذات ليلة، وجد ياسر كتاباً مخبأً تحت ألواح الأرضية، 

يتحدث عن حقوق الإنسان وقيمة الحرية. بدأ يقرأه بخوف، ثم أدرك أن هذه الكلمات تشبه النار كلما حاول أحد إخمادها، انتشرت أكثر.  


بدأ ياسر بنسخ المقاطع بخط صغير على أوراق صغيرة،

 ووزعها على أصدقائه.

 سرعان ما تحولت هذه الأوراق إلى عملة سرية يتداولها الشباب خلسة.

 حتى أن أحد الحراس وجد ورقةً مكتوباً عليها:  

إذا منعوك من الكلام، فاكتُب... 

وإذا منعوك من الكتابة، ففكّر...

 لأن الفكر لا يُسجن.  

بعد سنوات، 

اكتشف السلطان أن الأفكار التي حاول قتلها صارت أقوى، 

وأن الناس أصبحوا أكثر تمسكاً بها لأنها صارت محرمة.

 استدعى حكماءه وسألهم: لماذا فشل المنع؟  


أجابه أحد الحكماء:  

يا مولاي، الأفكار مثل الماء...

 إن حبسته في مكان، تسرب من آخر. والفرق بينك وبين من يحملونها هو أنك تخاف منها، بينما هم يؤمنون بها.   

في النهاية، أدرك السلطان 

 أن القمع لا يقتل الأفكار،

 بل يجعلهم أبطالاً في عيون أصحابها. 

فرفع القيود جزئياً، وسمح ببعض الحوار، ففوجئ بأن الناس بدأوا يناقشون الأفكار بحرية، وبعضها تلاشى لأنه لم يعد ممنوعاً مغرياً.  

لكن ياسر وأصدقاءه تعلموا درساً لن ينسوه:  

الحظر لا يقتل الفكرة،

 بل يمنحها أجنحة... 

فكلما حاولوا دفنها، 

صارت بذرة تنمو تحت الأرض حتى تخرج أقوى مما كانت.   

القصة تشرح قانون المقاومة الفكرية: كلما حاول النظام قمع فكرة،

 زاد إيمان الناس بها.

 لأن الأفكار لا تُمنع بالحديد والنار،

 بل بالحوار والحرية. 

وكما قال الفيلسوف فولتير:  

قد أختلف معك في الرأي، لكني مستعد أن أدفع حياتي ثمناً لحقك في قوله.

سالم غنيم 

حكواتي الوجدان الشعبي 

من مجموعتي القصصيه 

جرح الدم 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*