يوم التروية: محطة إيمانية في فجر ذي الحجة

كتب : مرفت شوقي صالح 

مع إشراقة أيام ذي الحجة المباركة، تتجلى لنا نفحات إيمانية عظيمة، تحمل في طياتها معاني القرب من الله والامتثال لأوامره. ومن بين هذه الأيام الفاضلة، يبرز "يوم التروية" كواحدة من المحطات الهامة التي تسبق ذروة مناسك الحج، وهو اليوم الثامن من ذي الحجة. يحمل هذا اليوم في طياته دلالات عميقة، واستعدادات روحية وجسدية للحجاج وغير الحجاج على حد سواء.

لماذا سمي بيوم التروية؟

تعددت الأقوال في سبب تسمية هذا اليوم بـ "يوم التروية". فمن أشهر الأسباب أن الحجاج كانوا في هذا اليوم يرتوون من الماء ويملأون أوعيتهم ليسد حاجتهم في صعيد عرفات ومنى، حيث لم تكن تتوفر المياه بكثرة في تلك المشاعر المقدسة في الماضي. فالتروية هنا تعني "الارتواء" و"الشرب".

وهناك رأي آخر يذهب إلى أن التسمية جاءت من "التروي" أي التفكير والتأمل. ففي هذا اليوم، يتروى الحجاج ويتفكرون في أمر حجهم وما سيقومون به من مناسك، ويستعدون نفسياً للوقوف بعرفة.

أعمال يوم التروية للحاج:

يوم التروية هو بمثابة بداية فعلية لمناسك الحج. ففي صبيحة هذا اليوم، يتوجه الحجاج من مكة المكرمة إلى منى. وهناك، يمكثون ويصلون الصلوات الخمس (الظهر، العصر، المغرب، العشاء، والفجر من اليوم التالي) قصراً بلا جمع، أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم. يقضون هذا اليوم في التهليل والتكبير والذكر والدعاء، مستشعرين عظمة المكان وقدسية الزمان. الهدف من المبيت في منى هو الاستعداد لليوم التالي، وهو يوم عرفة، الذي يعد الركن الأعظم من أركان الحج.

فضل يوم التروية لغير الحاج:

لا يقتصر فضل أيام ذي الحجة العشر الأوائل على الحجاج وحدهم، بل يشمل جميع المسلمين. ويوم التروية، كونه جزءاً من هذه الأيام المباركة، يحمل في طياته فرصاً عظيمة للمسلمين غير الحجاج لزيادة قربهم من الله عز وجل. يستحب في هذا اليوم، وسائر أيام العشر، الإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة مثل:

  الصيام: صيام الأيام التسعة الأولى من ذي الحجة، ومنها يوم التروية، مستحب وله أجر عظيم، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صيام يوم عرفة يكفر سنتين، ويستدل بذلك على فضل صيام الأيام التي تسبقه.

 الذكر والتكبير والتهليل والتحميد: الإكثار من ذكر الله تعالى في هذه الأيام بشتى أنواع الذكر، وخاصة التكبير المطلق والمقيد.

  قراءة القرآن: تدبر آيات الله وتلاوة كتابه الكريم.

  الدعاء والاستغفار: الإلحاح في الدعاء والتضرع إلى الله، وطلب المغفرة منه.

  الصدقات: الإحسان إلى الفقراء والمساكين والمحتاجين.

  صلة الأرحام: زيارة الأقارب وتفقّد أحوالهم.