في عالم اليوم سريع التغير، أصبحت

حجاب حسن
0

بقلم مرفت شوقي صالح 



 مفاهيم "الفتح" (Openness) منتشرة بشكل متزايد في مجالات متنوعة، من التكنولوجيا والبيانات إلى الحكم والاقتصاد. ومع أن هذه المفاهيم تحمل وعودًا بالشفافية، التعاون، والابتكار، إلا أنها تواجه تحديات جمة، لا سيما عند التعامل مع الأزمات. إن التحدي يكمن في كيفية الموازنة بين فوائد الانفتاح والحاجة إلى الاستجابة الفعالة والسريعة في أوقات الشدة.

تعريف "الفتح" والأزمات

قبل الغوص في التحديات، من المهم تحديد المقصود بـ "الفتح" و"الأزمات". يشير "الفتح" إلى مبادئ الشفافية، المشاركة، وإمكانية الوصول. قد يتجلى ذلك في المصادر المفتوحة (Open Source) للبرمجيات، البيانات المفتوحة (Open Data) للحكومات، أو حتى التعليم المفتوح (Open Education). أما الأزمة، فهي حدث مفاجئ وغير متوقع يعطل سير الأمور الطبيعي، ويتطلب استجابة فورية وحاسمة لتجنب تفاقم الأوضاع.

تحديات "الفتح" في سياق الأزمات

عندما تتصادم مبادئ "الفتح" مع واقع الأزمات، تبرز عدة تحديات رئيسية:

1. تحدي سرعة اتخاذ القرار:

في الأزمات، تُعد السرعة عاملاً حاسمًا. غالبًا ما تتطلب الأنظمة المفتوحة، بطبيعتها، مشاورات واسعة وعمليات موافقة قد تكون بطيئة. هذا التعارض يمكن أن يعيق الاستجابة الفورية والفعالة اللازمة لإدارة الأزمة. على سبيل المثال، قد تستغرق عملية تحديد وتطبيق حل مفتوح المصدر وقتًا أطول من تبني حل مغلق ومختبر مسبقًا.

2. تحدي الأمن والخصوصية:

يمكن أن يؤدي الانفتاح الزائد إلى مخاطر أمنية. في أوقات الأزمات، قد يسعى الفاعلون الخبثاء لاستغلال نقاط الضعف في الأنظمة المفتوحة. كما أن مشاركة البيانات المفتوحة، وإن كانت مفيدة في الظروف العادية، قد تُعرض خصوصية الأفراد للخطر عند التعامل مع معلومات حساسة تتعلق بالأزمة، مثل البيانات الصحية أو مواقع الأشخاص.

3. تحدي جودة المعلومات وموثوقيتها:

مع انتشار المعلومات المفتوحة، يصبح التمييز بين الحقائق والأخبار الزائفة تحديًا كبيرًا، خاصة أثناء الأزمات حيث تنتشر الشائعات بسرعة. يمكن أن يؤدي الاعتماد على مصادر مفتوحة غير موثوقة إلى سوء فهم للوضع، اتخاذ قرارات خاطئة، وحتى تفاقم الأزمة.

4. تحدي التنسيق والمسؤولية:

في الأنظمة المفتوحة، قد يكون من الصعب تحديد المسؤولية النهائية واتخاذ القرارات في أوقات الأزمات. بينما يشجع الانفتاح على التعاون اللامركزي، فإن الأزمات تتطلب غالبًا قيادة مركزية وتنسيقًا فعالًا لضمان استجابة موحدة. قد يؤدي الافتقار إلى هيكل واضح للمسؤولية إلى الارتباك والفوضى.

5. تحدي الموارد والخبرة:

تتطلب الأنظمة المفتوحة، لا سيما في مجال التكنولوجيا، مستوى معينًا من الخبرة والموارد لدعمها وصيانتها. في أوقات الأزمات، قد تكون هذه الموارد شحيحة، وقد لا تكون هناك فرق كافية أو مؤهلة لإدارة الأنظمة المفتوحة بشكل فعال.

الموازنة بين "الفتح" وإدارة الأزمات

على الرغم من التحديات، لا ينبغي التخلي عن مبادئ "الفتح" بالكامل. بل يجب العمل على إيجاد توازن يسمح بالاستفادة من مزايا الانفتاح مع الحفاظ على القدرة على الاستجابة للأزمات بفعالية. يمكن تحقيق ذلك من خلال:

 * وضع خطط استجابة مرنة: تصميم خطط للأزمات تأخذ في الاعتبار إمكانيات الأنظمة المفتوحة مع توفير آليات للتحول إلى استجابة أكثر مركزية عند الضرورة.

 * تعزيز الأمن السيبراني: الاستثمار في تدابير أمنية قوية لحماية البيانات والأنظمة المفتوحة، لا سيما تلك التي تتعامل مع معلومات حساسة.

 * بناء ثقافة التحقق: تشجيع الجمهور على التحقق من مصادر المعلومات وتطوير آليات للتحقق السريع من الحقائق أثناء الأزمات.

 * تحديد أدوار ومسؤوليات واضحة: إنشاء هياكل قيادية واضحة تحدد من يتخذ القرارات النهائية في أوقات الأزمات، حتى في بيئة مفتوحة.

 * بناء قدرات مجتمعية: تعزيز المهارات والخبرات داخل المجتمع لدعم الأنظمة المفتوحة، مما يجعلها أكثر مرونة وقدرة على التكيف في أوقات الأزمات. 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*