مقتطفات من قصة الملكة زهرة

حجاب حسن
0

مقتطفات من قصة الملكة زهرة



"أين يؤلمك أكثر حتى أحبّك هناك .. أكثر .. وأكثر؟"

للكاتبة والأديبة د. حكيمة جعدوني "نينارايسكيلا"


المقتطف الأول:


.،؛، الأحداث العظيمة 

دائما ما تسبقها إشارات؛

تدلّ على عظمة القدر وعلوّ المنزلة 

ورفعة المقام ،؛،


كانت تلك الولادة أشبه بالتوطئة الدرامية؛

فآياتها باهرة

وشواهدها باتت واضحة كوضوح الشمس،

لا يلتبس فيها كذب بصدق،

ولا منتحل بحقّ،

وبحسب قوّتها واِنتشارها

ستكون بشائرها أو ستأتي بعواقب ومآلات لا محالة.

إن حدوث ذلك عند لحظة ولادتها

كان بمثابة إشارة إلى ما سيجيء لاحقاً.


المقتطف الثاني:


صارت زهرة كاللّعنة؛ التي حلّت على رجال ونساء المدينة،

فلم يعد هناك رجل ينظر لاِمرأته

دون أن يقارنها بجمال وأنوثة وغواية زهرة،

ونتيجة لذلك، تزايدت الخلافات والخصومات وتفاقم الهجر،

ولم تعد اِمرأة تتزوّج من أهل المدينة

أو حتى من المدن المجاورة،

فقد فارق جميع الرّجال نساءهم

بمجرد أن رأوا زهرة،

أو سمعوا عنها،

أو أتتهم أخبارها،

إذ كانت صفاتها ومحاسنها الفريدة

تتردد إلى مسمع الرجال في كلّ أنحاء المملكة؛

مما أثار في نفوسهم الرغبة والانشغال في التفكير بها،

واِنصرفوا إليها عمّن سواها من النّساء.


المقتطف الثالث:


نودي في القصر وفي أرجاء الإمبراطورية

عن بدء التجهيز لمراسم الزّفاف،

وتعدّ المآدب وأن يزيّن القصر

اِستعدادا لإعلان زهرة الملكة الأولى لهذا القصر.

في ليلة زفافهما،

وبعد أن تأكّد الإمبراطور من أنّه قد اِمتلك زهرة،

وصارت بين يديه،

وستعلن زوجة له،

وهي التي لم يكن ليحصل عليها رجل على وجه الأرض،

وترفض أن تمكنّهم من نفسها،

وتيقّن من وجودها بجانبه،

لم يستطع قلبه الضعيف أن يتحمّل

سطوة الفرح الذي حلّ به،

فسقط مغشيًا عليه وفارق الحياة؛

بعد أن أعلن زهرة كوريثة لعرشه،

ومُنحت لقب الزوجة الأولى والمالكة لكلّ ما تركه وراءه.


المقتطف الرابع:


ما زال الفضول يشتعل في داخلها،

فعقلها ما زال يطلب ذلك الشيء المميّز؛

الذي لم تطاله يد ولم تلمحه عين،

ولم يخطر على بال بشر.

أمرت الملكة معاونيها؛

بأن يصنعوا لها برجًا من الرّخام الملمّع،

زجاجه المصقول يستخلص خصيصا من الرّمال؛

ذات البلورات النقيّة

وذلك بسبب ما وصل إلى أسماعها؛

عن جمال الرّخام الذي كان يستخدم في ممالك أخرى كالصين،

فاِستقدمت لذلك خبراء وحرفيّين،

وأمرت أن يُبنى البرج داخل قلعة،

فبنوا لها قلعة أخرى غير التي كانت تقيم فيها،

أظهر فيها الصّنّاع والبنّاؤون والحرفيّون،

والنّجارون والنّحاتون

براعتهم ومهاراتهم وإبداعهم.


المقتطف الخامس:


دخل إلى القصر وهو يحمل حقيبته،

ثمّ اِتّخذ له مكانا في إحدى القاعات وظلّ ينتظر،

فلمّا طال به الاِنتظار غفت عينه،

واِستسلم للنّوم؛

لشدّة تعبه واِنهماكه بالعمل طوال اليوم.

دخلت الملكة وجلست على عرشها،

فاِستغربت؛

كيف يغفو في حضرتها،

ولم يُؤخذ كغيره بهذا الملك،

وبكلّ ما يرى؛

من جدران مرصّعة بالذهب والعاج والمرجان،

لوحات وتماثيل ومنحوتات،

وأرضيّات مزركشة، منمقة وممرّدة من الرخام والزجاج،

ولا ينتظر بلهفة مقدمها،

كانت مغرورة لدرجة لا توصف،

فالكلّ يتشوّق لرؤيتها

وينتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر،

ولكنّ ذلك الطبيب لم يفعل،

فأمرت بإيقاظه،

فلمّا قام؛ حيّاها

ثمّ جلس عند قدميها

ومن دون أن يرفع رأسه أو ينظر إليها،

طلب منها أن تريه مكان الألم،

فاِستغربت،

فلم يسبق لأحد قابلها

أن قاوم جاذبيتها وسحرها،

حتى أنّ غرورها لم يسمح لها؛

أن تتصوّر وجود أحد لا يهتمّ لوجودها،

ولا يُغريه اِستراق النّظر إليها.


المقتطف السادس:


عاد من كانوا يحملون أخبار الطبيب الشابّ إلى الملكة زهرة،

فأخبروها؛

أنّه رجل صالح،

لديه علم من السماء

وعنده علم خفيّ

وفيه قدرات ملهمة وخارقة؛

يعزّ على العقول فهمها،

وأنّه مبارك

وفيه طاقة غريبة لا تُفسّر،

فتستغرب الملكة ما سمعت،

وتبدأ الكثير من الأسئلة تعصف في رأسها :


ما هي البركة ؟


ومن هو الإله ؟


من أين يستمدّ هذه القوة ؟


تفكّر طويلا -

ولكنّها لا تجد إجابات لأسئلتها،

فهي لم تكن تعلم

أنّ الرّجال الصالحين

ومن عندهم "علم من السّماء"،

لا يغترّون بمال ولا جمال،


وكأنّ هذا الطبيب؛


كان رسالة لها من الإله،


أنّ الصّغار سيصيبها،

فكلّ شيء حولها لم يكن يُغريه.

أوتيت ملكا لم ينبغ لأحد،

ثمّ يأتي هذا الرجل؛


ليعلّمها


أنّ كلّ ما تملكه لا يساوي شيئًا.


المقتطف السابع:


بدأت الملكة تغار منها فعلا،

وتفكّر بالطبيب كرجل

وهي تريده هذه المرّة لذاته.


حين رأت تلك العظمة في الحبّ والعاطفة والأخلاق والوفاء؛

التي يقدّمها لحبيبته

ولم يتخلّى عنها ولا عن حبّها أبدا،

فلم تعهد بالرّجال ممّن مرّ عليها؛

من يتصرّف بحبّ أو عاطفة،

بل كانوا يتعاملون بخشونة وقسوة

ولا همّ لهم إلا الجسد،

يسعون وراءه

ولا يفكّرون إلّا في كيف يحصلون عليه،

فالحبّ في زمنهم لم يكن مألوفًا. 

Post a Comment

0Comments

Please Select Embedded Mode To show the Comment System.*